فتلك الشروط الثمانية هي مشروطة في أفعل التفضيل، فما وقع فيه الاتفاق هناك وقع فيه الاتفاق هنا، وما وقع فيه النزاع هناك وقع النزاع، فالمادة واحدة كلاهما مشتركان في المادة التي يصاغان منهما، ولذلك قال: (صُغْ) هذا أمر يعني: خذ واشتق.
(مِنْ مَصُوغٍ) من كل فعل مصوغ.
(مِنْهُ لِلتَّعَجُّبِ) صيغ مِنْهُ لِلتَّعَجُّبِ السابق الذي ذكره في الباب السابق، ومِنْهُ الضمير هنا عائد على موصوف محذوف أي: من مصدر مَصُوغٍ مِنْهُ.
صُغْ أَفْعَلَ لِلتَّفْضِيلِ، أَفْعَلَ قصد لفظه وهو مفعول به، أي: اسماً موازناً لأفعل، لِلتَّفْضِيلِ احترازاً عن غيره نحو: هو أضرب وأعلم وأفضل، كما يقال: ما أضربَهُ، وما أعلَمهُ وما أفضلَهُ، نقول: هنا يجوز أن يقال: زيد أضربُ، وزيد أعلمُ، وزيد أفضلُ .. لأن هذه المواد مما يصاغ منها فعل التعجب.
(صُغْ) هذا فعل أمر، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت .. واجب الاستتار.
(مِنْ مَصُوغٍ) هذا جار ومجرور متعلق بقوله: صُغْ.
(مِنْهُ) هذا متعلق بصغ، لكن الضمير هنا لا بد على التقدير، يعني يكون عائد على موصوف محذوف، يعني من مصدر مصوغ منه.
(لِلتَّعَجُّبِ) كذلك جار ومجرور متعلق بقوله: صُغْ.
(أَفْعَلَ) مفعول به لقوله: صُغْ.
(للتَّفْضِيلِ) متعلق به.
(وَأْْبَ اللَّذْ أُبِي): وَأْْبَ هذا فعل أمر مبني على حذف حرف العلة لأنه من أبى يأبى، مثل عصى اعصِ، بحذف حرف العلة، أبى يأبى (وَأْْبَ اللَّذْ) اللَّذْ هذه لغة في الذي، (وَأْْبَ): يعني: امنع.
(اللَّذْ أُبِي) الذي، وامنع هنا اللَّذْ أُبِي هناك، وَأْْبَ هنا أي: امنع هنا في هذا الباب، اللَّذْ: الذي، أُبِي هناك، لكونه لم يستكمل الشروط، فكل ما لم يستكمل الشروط في باب فعل التعجب فمنع منه صوغ فعل التعجب امنعه هنا فالحكم واحد.
(وَأْْبَ اللَّذْ أُبِي) يعني: امنع هنا اللَّذْ أُبِي هناك، لكونه لم يستكمل الشروط المذكورة هناك.
وشذ بناؤه من وصف لا فعل له هنا، نحو: هو أقمنُ به، أقمنُ: أفعلُ.
هو أقمنُ بهٍ أي: أحقُّ بهِ من قمِن، وما زاد على الثلاثي كقولهم: هذا الكلام أخصر من غيره، لماذا؟ لكونه مأخوذاً من اختُصر، اختصر قلنا هذا فيه شذوذان هناك، كونه زائداً على الثلاثي، وكونه مبنياً لما لم يسم فاعله، إذاً إذا قيل هذا الكلام أخصر فهو شاذ يحفظ، يعني استعماله لا بأس به، لكنه مما حفظ يعني لا يقاس عليه.
وفيه شذوذان كما سبق، وفي أفعلَ التي هي على وزن أكرم ونحوه .. وفي أفعل المذاهب الثلاثة السابقة. المنع مطلقاً، الجواز مطلقاً، مذهب ابن عصفور التفصيل.
وسُمِعَ هُوَ أعْطَاهُمْ لِلدَّرَاهِمِ، وَأوْلاَهُمْ لِلْمَعْرُوفِ، و (هَذَا المَكَانُ أَقْفَرُ مِنْ غَيْرِهِ)، ومن فعُلَ الذي لازم الفعلية يعني: البناء للمجهول هُوَ أَزْهَى مِنْ دِيكٍ، وَأَشْغَلُ مِنْ ذَاتٍ النِّحْيَيْنِ، وَأعْنَى بَحاجَتِكَ.
وسبق أن بعضهم استثنى ما كان ملازماً للبناء للمجهول بأنه يسوغ صوغ فعل التعجب منه، وهنا نفس الكلام، وهناك ابن مالك جوز في التسهيل أنه يجوز أن يصاغ من الفعل المبني للمجهول إن أمن اللبسُ.