وَتِلْوَ: أي انصب تلو.
أَفْعَلَ: السابق الذي قال فيه: (بِأَفْعَلَ انْطِقْ بَعْدَ مَاتَعَجُّبَاً).
تِلْوَ أَفْعَلَ: إذا قلت: ما أفعَل الذي يتلوه وهو متعجَّب منه انْصِبَنَّهُ حتماً، مفعولاً به على مذهب البصريين ومشبهاً بالمفعول به على مذهب الكوفيين.
وَتِلْوَ: يعني تابع، وهذا منصوب على الاشتغال.
تِلْوَ أَفْعَلَ: الذي بعده.
انْصِبَنَّهُ: اشتغل بضمير يعود على الاسم المتقدم لو أسقطناه لعمل فيه النصب.
إذن: (وَتِلْوَ) نقول: منصوب على الاشتغال، فالعامل فيه فعل مضمر وجوباً يفسره المذكور.
وَتِلْوَ أَفْعَلَ: أي تأتي بعد ما أفعَل باسم منصوب فتقول: (ما أحسنَ زيداً) وبذلك كمُل الكلام المستفاد منه إنشاء التعجب، لأنه لا يكمل إلا بذكر المنصوب.
ثم مثل بمثالين للصيغتين فقال –كقولك-: مَا أَوْفَى خَلِيلَيْنَا).
مَا أَوْفَى: (ما) هذه تعجب، وهي مبتدأ، وسيأتي معناها.
و (أَوْفَى) الهمز هذه للنقل. و (أَوْفَى): فعل ماضي، وفاعله ضمير مستتر يعود على (مَا) وهو دليل الاسمية.
خَلِيلَيْنَا: هذا مفعول به على مذهب البصريين، وإذا أعربنا (أَوْفَى) أنه فعل ماضي تعين أن يكون (خَلِيلَيْنَا) مفعولاً به، وسيأتي مزيد بحث.
خَلِيلَيْنَا: نقول: هذا منصوب على المفعولية. و (أَوْفَى) فيه ضمير مستتر وجوباً يعود على (مَا).
وَأَصْدِقْ بِهِمَا: (أَصْدِقْ) هذا لفظه أمر ومعناه الخبر، والهمزة هذه للصيرورة.
وَأَصْدِقْ بِهِمَا: الباء هذا حرف جر زائد واجب الزيادة، والهاء: ضمير مجرور بالباء، لكنه مجرور لفظاً؛ لأن حرف الجر الزائد لا يغير الحقائق، فإذا دخل على المفعول فقبل دخوله وبعده هو مفعول، وإذا دخل على الفاعل فقبل دخوله وبعد دخوله هو فاعل .. وهلم جرا.
إذن: الحقيقة هي الحقيقة، وإنما الإعراب تغير باعتبار دخوله؛ لأنه أثَّر معنىً، وهذا المعنى المراد به التأكيد، وهنا المراد به إصلاح اللفظ فحسب، ليس المراد به التأكيد، وإنما المراد به: تحسين اللفظ.
إذن: (وَأَصْدِقْ) نقول: هذا على زنة أفْعِلْ مثال للصيغة الثانية. أَصْدِقْ: لفظه أمر ومعناه الخبر.
بِهِمَا: الباء زائدة في الفاعل، والهاء نقول: هذا فاعل في محل جر. و (مَا) هذه للتثنية.
إذن: ذكر في هذين البيتين الصيغتين المشهورتين اللتين اصطلح عليهما النحاة في هذا الباب، وهو ما أفعَل زيداً، ما أحسَن زيداً وأحسِن بزيد. إذا أردت التعجب فإما أن تأتي به على الصيغة الأولى فتقول: (ما أحسنَ زيداً، ما أعلمَ عمْراً، ما أكرمَ خالداً) وتقول: (أكرِم بخالد، وأعلِم بمحمد، وأحسِن بزيد) إذن: هما صيغتان، ولذلك قال الشارح: للتعجب صيغتان؛ إحداهما: ما أفعله، والثانية: أفعِل به، وإليهما أشار المصنف بالبيت الأول، أي: انطق بأفعَل بعد (ما) للتعجب، نحو: (ما أحسنَ زيداً وما أوفى خليلينا).
أَوْ جِئْ بأَفْعِلْ قَبْلَ مَجْرُورٍ بِبَا: نحو: (أحسِن بالزيدين وأصدِق بهما) ليعود الضمير على مثنىً.