المصطفى أي: المختار، وأصل الطاء هنا منقلبة عن تاء، المصطفى، أصلها: مستفى، وقعت التاء بعد الطاء وبعد من أحرف الإطباق فوجب قلبها طاء، كما هو الشأن في المصطلح.
إذاً: مصلياً على النبي المصطفى: مصطفى مفتعل من الصفوة وهو: الخلوص من الكدر، قلبت تاؤه طاءً لمجاورة الصاد؛ لأنها من حروف الإطباق الأربعة: الصاد والضاد والطاء والظاء، فإذا وقعت التاء بعد أحدها وجب قلبها طاءً كما هو مقرر في فن الصرف.
ولامه مبدلة عن واو، مصطفَوٌ هذا الأصل .. مصطفَوٌ تحركت الواو وفتح ما قبلها فوجب قلبها ألفاً.
مُصَلِّياً عَلَى النَّبيِّ الْمُصْطفَى: هنا صلى ولم يسلم، بناًء على القول الراجح أنه لا يكره إفراد أحدهما عن الآخر، بل يجوز أن يصلي في مجلس ثم يسلم في مجلس آخر ولو طالت المدة، وأما قوله: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)) [الأحزاب:56] فهذا لا يدل على وجوب القران بينهما، أو ندبية القران بينهما، بل الامتثال يحصل بما إذا جمع بينهما في وقت واحد، وبما إذا فرق بينهما، ودلالة الاقتران عند جماهير الأصوليين تعتبر ضعيفة، والصواب عدم كراهة إفراد الصلاة عن السلام، ولا السلام عن الصلاة، فلا يرد اعتراضاً على المصنفين بأنه صلى ولم يسلم، أو سلم ولم يصل، نقول: الصواب أنه لا يكره، نعم تمام الامتثال يحصل بالجمع بينهما ولو افترقا في المجلس؛ لأن قوله: صلوا وسلموا، نقول: هذا فيه عطف، والعطف يقتضي أن يجمع بينهما، هذا الأصل؛ لأنها لمطلق الجمع، ثم لمطلق الجمع لا يدل على أنها في مجلس واحد، بل هو يشمل ما كان في مجلس واحد وما كان في مجلسين ولو طالت المدة.
فزيد من الناس إذا صلى في مجلس وسلم في مجلس آخر نقول: هذا امتثل قوله تعالى: ((صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)) [الأحزاب:56].
مُصَلِّياً عَلَى النَّبيِّ الْمُصْطفَى: والمراد هنا المختار من الناس، كما قال صلى الله عليه وسلم: {إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل، واصطفى من ولد إسماعيل بني كنانة، واصطفى من بني كنانة قريشاً، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم} فهو مختار عليه الصلاة والسلام.
وآلِهِ: يعني: وعلى آله، مصلياً على النبي: هذا حق النبي صلى الله عليه وسلم، وآله، أي: مصلياً على آله، امتثالاً لقوله عليه الصلاة والسلام: {قولوا: اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد} إذاً: هذا مأمور به نصاً، بخلاف الصحب هذا من باب القياس، وأما الصلاة على الآل فهذا يعتبر امتثالاً للنص، لكن لا على جهة الاستقلال، وإنما على جهة التبعية.
وآله، يعني: وعلى آله، آله: أصل آل: أهل أو أول، هذا مختلف فيه بين سيبويه والكسائي، فسيبويه يرى أن آل أصله: أهل، قلبت الهاء همزةً، ثم قلبت الهمزة ألفاً، قيل: آل، بدليل تصغيره على أهيل، هذا مذهب سيبويه، ومذهب الكسائي: أن آل أصله: أول، تحركت الواو وانفتح ما قبلها وقلبت ألفاً، أول كجمل، تحركت الواو وفتح ما قبلها فقلبت ألفاً، وعلى كلٍ هذا أو ذاك فكل منهما له شاهد في لسان العرب.