(لِحَاضِرِ) المراد بالحضور هنا: الدوام، يعني: شيء لحاضر، لحدث دائم. وهذا من الفوارق بينهما. وأنها لا تكون إلا للمعنى الحاضر الدائم دون الماضي المنقطع والمستقبل، لا ماضي منقطع ولا مستقبل. ماضي منقطع هل ثَمَّ ماضي غير منقطع؟ .. لأن الصفة المشبهة تدل على الماضي وعلى المستقبل، لكن لا الماضي المنقطع ولا المستقبل المترقب؛ لأنك إذا قلت: (زيدٌ حسنٌ) زيدٌ في الماضي والآن والمستقبل حسن، إذاً: ليس عندنا ماضيٍ منقطع كان حسناً ثم صار قبيحاً، وليس عندنا مستقبل مترقب بحيث يوجد فيه الحسن دون سابقه.

إذاً: دلت الصفة المشبهة على الأزمنة الثلاثة، لكن في أصلها تدل على الثبوت الحاصل الآن. وأما دلالته على الماضي غير المنقطع فهو لازم لها، ودلالته على المستقبل فهو لازم لها؛ لأننا نخبر عن حدث مستمر، والاستمرار إنما يكون في ماضٍ ويكون في المستقبل.

إذاً: هو غير منقطع، وإذا كان غير منقطع حينئذٍ لزم منه أن يكون مستمراً في الماضي وفي المستقبل.

وأنها لا تكون إلا للمعنى الحاضر الدائم دون الماضي المنقطع والمستقبل، بخلاف اسم الفاعل. والمراد بالدوام: الثبوت في الأزمنة الثلاثة، الدوام .. لِحَاضِرِ المراد به الدوام الثبوت في الأزمنة الثلاثة.

قال ياسين: ودلالة الصفة المشبهة على الدوام عقلية لا وضعية؛ لأنها لما لم تدل على التجدد ليس عندنا إلا تجدد أو دوام، إذا انتفت دلالته على التجدد لزم أن تدل على الدوام، إذاً: اللزوم هنا من جهة العقل لا من جهة الوضع.

إذاً: دلالة الصفة المشبهة على الدوام عقلية لا وضعية، ووجهه: أنها لما لم تدل على التجدد ثبت لها الدوام بمقتضى العقل، إذ الأصل في كل ثابت دوامه.

الفارق الثالث أشار إليه بقوله:

كَطَاهِرِ الْقَلْبِ جَمِيلِ الظَّاهِرِ

(طَاهِرِ .. جَمِيلِ) سبق أن اسم الفاعل لا بد أن يكون جارياً على فعله وهو الفعل المضارع، موافقاً له في عدد الحروف والحركات والسكنات، والمراد بالحركات: مطلق الحركات لا أشخاصها، فتقول: ضارب على وزن يضْرب، الأول متحرك والثاني ساكن، ومنه: (طاهر ويطْهر) كلاهما جاريان على حركة فسكون ثم حركة.

وأما (داخل ويدخُل) جارٍ أو لا؟ جار؟ (دا .. يدْ .. خِل، خُل) الخاء مكسورة في اسم الفاعل ومضمومة في الفعل. هنا اختلفت في الشخص، وأما في الحركة فهو موافق له، (قائِم يقوم) جاري أو لا؟ (قائِم يقوم) الأول قائم، الأول متحرك فساكن. (يقوم) متحرك فمتحرك، (يقوم) في اللفظ متحرك ومتحرك، لكن الضمة التي على القاف طارئة، أصلها: (يفعُل يقْوُمُ)، استثقلت الضمة .. (يَقْوُمُ) استثقلت الضمة على الواو ثم نقلت إلى سابقها. وهذا كل فعل أجوف واوي يقال فيه: يفعُلُ، حينئذٍ استثقلت الضمة على العين .. الواو ثم نقلت إلى ما قبلها.

إذاً: يقُول أصله يَقْوُل فوافق قائل، يقوْم يَقْوُمُ قائم لا إشكال في هذا. وأما الصفة المشبهة فهذه على نوعين إن كانت من فعل ثلاثي: منها ما وازن المضارع، وأشار إليه بقوله: (كَطَاهِرِ الْقَلْبِ) كَطَاهِرِ طاهر يطهر، موازن أولا؟ موازن، لا إشكال فيه.

ومستقيم الحال، مستقيم يستقيم، وضامر البطن .. ضامر يضْمر، إذاً: موافق. ومعْتدل القامة معتدل يعتدل، إذاً: موافق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015