وقال في شرحه: وزعم بعضهم أنه مقيس في كل فعل ليس له فعيل بمعنى فاعل كجريح. يعني: لأنه لا لبس فيه، يعني: إذا جاء فعيل قد يكون لفاعل وقد يكون لمفعول، إذا سُمع فعيل لا لفاعل لا لبس فيه، إذا جاء فعيل ويحتمل فاعل ومفعول، بعض الأفعال يُسمع له فعيل بمعنى فاعل، ويُسمع له فعيل بمعنى مفعول، حينئذٍ إذا لم يُسمع للفعل لا نقول بأنه مقيس؛ لأنه يحتمل أنه فعيل بمعنى فاعل أو فعيل بمعنى مفعول. إذا لم يُسمع له فعيل بمعنى فاعل صار مقيساً لانتفاء اللبس، ولذلك قال: زعم بعضهم أنه مقيس في كل فعل ليس له فعيل بمعنى فاعل كجريح، فإن كان له بمعنى فاعل .. فعيل بمعنى فاعل حصل اللبس فلا يكون مقيساً.
إذاً: القضية مرتبة على حصول اللبس. فإن كان للفعل فعيل بمعنى فاعل لم ينب قياساً كعليم.
وقال في باب التذكير والتأنيث: وصوغ فعيل بمعنى مفعول على كثرته غير مقيس، فجزم بأصح القولين كما جزم به هنا، وهذا لا يقتضي نفي الخلاف. إذاً: في المسألة خلاف، والناظم قال: نَابَ نَقْلاً على ما ترجح عنده وهو الأكثر أنه غير مقيس، والخلاف في فعل ليس له فعيل بمعنى فاعل، هل ينقاس أم لا؟ أما فعل له فعيل بمعنى فاعل ليس مقيساً، لماذا؟ لوقوع اللبس.
ثم قال: وقد نبه المصنف بقوله: (نَحْوُ فَتَاةٍ أَوْ فَتىً كَحِيلِ) على أن فعيلاً بمعنى مفعول يستوي فيه المذكر والمؤنث بلفظ واحد، وستأتي هذه المسألة مبينة في باب التأنيث إن شاء الله تعالى.
وزعم المصنف في التسهيل: أن فعيلاً ينوب عن مفعول في الدلالة على معناه لا في العمل. هذا هو الصحيح. فعلى هذا لا تقول: مررت برجل جريح عبده؛ لأنه إنما ناب عنه في المعنى فقط، أما العمل لا، فيبقى للأصل.
خاتمة:
قد يقال: ترجم المصنف لأبنية الصفات المشبهة، قال: باب أبنية أسماء الفاعلين وأسماء المفعولين، وظاهر صنيع النظم من أوله إلى آخر بيت: (ونَابَ نَقْلاً) أنه لم يذكر للصفات المشبهة أوزاناً، لأنه قال: والصفات المشبهات بها، فذكر فعُل وفعْل .. إلى آخره، كل ما ذكره في الظاهر أنه أسماء فاعلين أو أسماء مفعولين، أين الصفات المشبهة؟ قد يقال: ترجم المصنف لأبنية الصفات المشبهة ولم يذكرها وهو معيب، عيب تترجم للشيء ولم تذكره، هذا عيب. واغتفر في عكسه أن يذكر شيئاً ولم يترجم له يسمى تبرعاً، بمعنى أنه ذكر مسألة خارجة عما ترجم له هذا زيادة فضل لا ينكر عليه، أما تترجم لشيء ولا تذكره لا، هذا عيب.
ولم يذكره وهو معيب، ولا يقال: إنه ذكرها في الباب الآتي؛ لأنه سيذكر الصفة المشبهة، لكن نقول: هناك ذكر العمل ولم يذكر الأبنية، وحينئذٍ لا بد أن يكون قد ذكر الأبنية في هذا الموضع وإلا حصل تعارض؛ لأن المذكور فيه أحكامها لا أبنيتها، وجوابه: أن جميع هذه الصفات صفات مشبهة إلا فاعلاً كضارب وقائم فإنه اسم فاعل، إلا إذا أضيف إلى مرفوعه، متى اسم فاعل؟ ما كان على زنة فاعل كضارب وقائم نقول: إذا لم يضف إلى مرفوعه، وسبق خلاف منعاً وجوازاً اتفاقاً وتوسطاً بين طرفين، اسم الفاعل إذا كان من لازم إضافته لمرفوعه ما حكمها؟
حكمها جائزة باتفاق؛ كطاهر القلب. إذا أضيف إلى مرفوعه حينئذٍ انتقل إلى الصفة المشبهة، ولذلك سيأتي: