الشاهد من هذا الكلام أنه قال: ينوب عنه في المعنى لا في العمل، فاسم المفعول .. ما كان على زنة مفعول يرفع نائب فاعل، وأما فعيل إذا أُنيب عن مفعول لا يرفع نائب فاعل، وإنما معناه معنى اسم المفعول، نحو: مررت برجل جريح وامرأة جريح وفتاة كحيل، كحيل العين يعني. وفتىً كحيل، وامرأة قتيل، ورجل قتيل، فناب جريح وكحيل وقتيل عن مجروحٍ ومكحولٍ ومقتولٍ. إذاً: لا يشترط في الإنابة هنا ألا يكون له اسم مفعول، لا، قد يكون وقد يسمع غيره، ولا ينقاس ذلك في شيء، بل يقتصر فيه على السماع، وهذا معنى قوله:
ونَابَ نَقْلاً عَنْهُ ذُو فَعِيلِ
وزعم ابن المصنف أن نيابة فعيل عن مفعول كثيرة، وليست مقيسة بالإجماع. يعني: دعوى الإجماع في كونها ليست مقيسة قال: فيها نظر. وفي دعواه الإجماع على ذلك نظر، إجماعات النحاة هذه كما ذكرت سابقاً، جمهور وإجماع انتبه لها.
فقد قال والده في التسهيل في باب اسم الفاعل عند ذكره نيابة فعيل عن مفعول: وليس مقيساً، فلا يقال: ضريب بمعنى مضروب، لا تقس، إنما سُمع جريح وقتيل، هل سمع ضريب؟ لا، لا نقول: ضريب بمعنى مضروب فنقيسه لأنه على وزن فعيل، نقول: لا، لأنه غير مقيس بل هو محفوظ بكلمات معدودة.
وليس مقيساً خلافاً لبعضهم، أي: في نوع منه وهو ما ليس له فعيل بمعنى فاعل ليس مطلقاً.
وقال في شرحه: زعم بعضهم. دائماً يقول: قال في التسهيل وقال في شرحه، وأحياناً يقول: وقال في التسهيل وشرحه. هل بينهما فرق؟
قال في التسهيل، وإذا أرادوا تأكيده قالوا: وفي شرحه، انظر هنا قال: فقد قال والده في التسهيل في باب اسم الفاعل، ثم قال: وقال في شرحه.
المتن والشرح، ما الفائدة؟
إذا شرح المصنف كتابه فلا بد أن يكون الشرح لاحقاً لا سابقاً ولا موافقاً. لا يكون الشرح سابقاً على المتن عقلاً، ولا يكون موافقاً يضع المتن ويشرح معه، إذاً: يكون لاحقاً، وإذا كان لاحقاً قد يكون بينهما زمن، وحينئذٍ قد يرجع عن بعض أقواله، فقد يذكر في التسهيل شيء ثم في الشرح يخالفه، حينئذٍ إذا خالفه فالحجة في الشرح لأنه لاحق، معلوم قطعاً، فالأول منسوخ إن صح التعبير، حينئذٍ نقول: ما في التسهيل هذا مضروب عليه، وما في الشرح هو المقدم، فإذا وافق الشرح التسهيل هو قوة على قوة، فإن خالفه حينئذٍ صارت العمدة في التسهيل. وهذا يقع حتى عند ابن هشام، قطر الندى قد يذكر شيئاً في المتن ثم يخالفه في الشرح، ولذلك إذا قرأت متناً لشارحٍ .. صاحب المتن انظر قارن بينهما قد يقع خلاف وما يتنبه الطالب، قد يشرح شيء لأنه قد يرجع، مسألة يقررها في المتن ثم يشرحه بعد سنين يكون قد طالع واستفاد أشياء فرجع عن القول، فإذا شرحه قد لا ينص على ما ذكره في المتن، ولذلك هنا يقول: وقال في شرحه، دل على الفرق بينهما.