ورفعوا مبتدءاً بالابتداء .. ما هو الابتداء؟ جعلك الاسم أولاً لتخبر عنه ثانياً، هذا أمر معنوي، فحينئذٍ تقول: زيد قائم .. زيد: مبتدأ مرفوع بالابتداء .. ما تقدمه شيء، زيد نقول: مرفوع بالابتداء، تقدمه شيء ملفوظ؟ الجواب: لا، إذاً: هو أمر معنوي أثر، الابتداء .. الأمر المعنوي .. العامل المعنوي أثر في زيد فأحدث فيه الرفع.

كذلك التجرد في باب فعل المضارع رفعاً، يقوم زيد، تقول يقوم: فعل مضارع مرفوع ورفعه ضمة، هل توجد ضمة بدون مؤثر .. هذا أثر، هل يوجد أثر بدون مؤثر؟ لا، لا بد من مؤثر، أين المؤثر .. أين العامل؟ لا وجود له من حيث اللفظ، وإنما تجرده عن ناصب وجازم وهو شيء عدم، هو الذي أثر في آخر الفعل.

فحينئذٍ إذا قلنا: تعريفه العامل: بأنه ما أثر في آخر الكلمة من اسم أو فعل أو حرف، هذا اختص بالعامل اللفظي ولم يشمل العامل المعنوي، والتعريف الآخر الذي يشمل النوعين، أن نقول: العامل ما أوجب .. ما شيء أوجب كون آخر الكلمة على وجه مخصوص، ما –يعني-: فعل أو اسم أو حرف أو ابتداء أو تجرد أوجب كون آخر الكلمة على وجه مخصوص من رفع أو نصب أو خفض أو جزم، هذا التعريف يشمل النوعين: العامل اللفظي والعامل المعنوي.

أما المعمول: فهو ما يظهر فيه الإعراب لفظاً أو تقديراً، ما يظهر فيه الإعراب، يعني: المحل الذي يكون قد حل الإعراب فيه، كزيد من قول: جاء زيد، فنقول: زيد هذا معمول، وجاء: عامل، والعمل هو الرفع نفسه، ما يحدثه العامل وتختلف بسببه أحوال آخر المعرب.

إذاً: في مثل التركيب نقول: جاء زيد، هذا تضمن ثلاثة أشياء: عامل ومعمول وعمل، العامل: جاء، وزيد: معمول، والعمل: الرفع، إذاً: أثر ظاهر أو مقدر يجلبه العامل في آخر الكلمة، أو ما نزل منزلاً، هذا المعرب.

وأما المبني: فهو كذلك مشتق من البناء، وهو وضع شيء على شيء على جهة الثبوت والدوام، وهذا أخص من التركيب، إذاً: كل بناء تركيب ولا عكس، وضع شيء على شيء على جهة الثبوت والدوام، وأما في الاصطلاح فكذلك فيه نزاع: هل هو لفظي أو معنوي؟ وهذا النزاع لا ينبني عليه شيء، فمن رجح أن الإعراب لفظي لزمه أن يقول: بأن البناء لفظي، وأما العكس فلا، فحينئذٍ نقول الصواب: أن البناء لفظي، وحقيقته: ما جيء به لا لبيان مقتضى العامل، إذاً: ليس هو أثراً لعامل من شبه الإعراب من حركة أو حرف أو سكون أو حذف.

البناء والإعراب من حيث النطق والصورة متحدان، يعني: الضمة والفتحة والكسرة والسكون، وكذلك الحرف والحذف، النطق واحد .. تقول: اضربا، هذا مبني على حذف النون .. الزيدان لم يضربا: مجزوم بحذف النون، حينئذٍ في الصورة واحد .. النطق واحد، لكن لم يضربا حذفت النون لمقتضى العامل، وأما اضربا حذفت النون لا لمقتضى العامل، هذا الفرق بينهما.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015