(فَعَّالٌ) مبتدأ، قصد لفظه فصار علماً معرفة، أَوْ مِفْعَالٌ، أَوْ للتنويع، معطوف على فَعَّالٌ، أَوْ فَعُولُ، عَنْ فَاعِلٍ بَدِيلُ فِي كَثْرَةٍ، بَدِيلُ هذا خبر، وعَنْ فَاعِلٍ متعلق به، وفِي كَثْرَةٍ متعلق به، إذن بديل فَعِيل، وأُخبر به عن فعَّال وما عُطف عليه، فصار المبتدأ في المعنى جمعاً، والخبر بَدِيلُ، وهو واحد، هل يجوز؟ أو لا يجوز؟ نعم يجوز؛ لأن بديل هنا على وزن فعيل، فيجوز حينئذٍ الإخبار به عن المفرد والمثنى والجمع، ((وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ)) [التحريم:4] ظَهِيرٌ: بديل نفسه، والملائكة هذا جمع مبتدأ، وظهير حينئذٍ نقول هذا خبر، وهو في المعنى جمع فحصل التطابق بين المبتدأ والخبر، هنا كذلك، فَعَّالٌ أَوْ مِفْعَالٌ اوْ فَعُولُ بَدِيلُ عَنْ فَاعِلٍ، بَدِيلُ هذا خبر.
وأفرده وهو خبر عن أكثر من واحد؛ لأن فعيلاً يخبر به عن الجمع.
إذن هذه الثلاثة وما يُضم إليها في قوله فعيل وفَعِل، صارت خمسة، فمراده بهذين البيتين أن هذه الأمثلة الخمسة متساوية في أنها تعمل عمل اسم الفاعل بالشروط المتقدمة فيه.
إذن كلٌ ما اشترط فيما سبق من كونه مجرداً بمعنى الحال أو الاستقبال، وأن يكون معتمداً على شيء سابق، وهو واحد من الأمور الستة السابقة، حينئذ: فَعَّالٌ أَوْ مِفْعَالٌ اوْ فَعُولُ جاءت بديلاً عن فاعل، في ماذا؟ في الدلالة على الكثرة، ولذلك نقول هي أمثلة مبالغة، مبالغة في ماذا؟ في حصول الحدث، لأنك تقول ضارب يدل على حدث واحد وهو وقوع الضرب، وضرَّاب، فعَّال، يدل على كثرة حدوث الضرب.
إذن: صارت دلالة فعَّال وما عطف عليه على الكثرة، إذن هذه الأمثلة الخمسة متساوية في أنها تعمل عمل اسم الفاعل بالشروط المتقدمة فيه.
فِي كَثْرَةٍ: هذا اختلف فيه، هل المراد (في كثرةٍ) أن المراد بأن: فَعَّالٌ أَوْ مِفْعَالٌ اوْ فَعُولُ، تدل على الكثرة وهي التكثير وهي الزيادة في الفعل، ولذلك تسمى أمثلة المبالغة، أو أن المراد بأنها تعمل بكثرة باعتبار ما بعدها، لأنه قيَّد فعيلاً وفعِل بـ قَلَّ، وقال في الأول: في كثرة، إذن هنا الكثرة والقلة باعتبار العمل، وأما باعتبار المعنى فكلها تدل على الكثرة، يعني فعيل من أمثلة المبالغة، حينئذٍ ساوى فعَّالاً وما عطف عليه في الدلالة على كثرة حدوث الحدث.
وأما من جهة العمل، وهو ظاهر صنيع الناظم، أن ثمة تفصيلاً، كثرة وقلة، فَعَّالٌ أَوْ مِفْعَالٌ اوْ فَعُولُ، يأتي بديلاً عن فاعل في عمله وإعماله السابق بكثرة، وأما فعيل وفَعِل فيأتي بديلاً عن فاعل في العمل السابق لكنه بقلة، يحتمل هذا وذاك وإن كان الثاني هو الظاهر.
لذا قال المرادي:
فِي كَثْرَةٍ أي مراداً به الكثرة، أي التكثير وهي الزيادة في الفعل، ولذلك تسمى أمثلة المبالغة.
ويحتمل أن يكون أراد بكثرة أن هذه الأمثلة الثلاثة يكثر فيها العمل المذكور، ويؤيده قوله بعده، وَفِيْ فَعِيلٍ قَلَّ ذَا وَفَعِلِ، هذا هو الظاهر، أن قوله: فِي كَثْرَةٍ .. وقَلَّ أن المراد به العمل.