قال تعالى: ((وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ)) [النور:2] بهما جار ومجرور متعلق بقوله: رَأْفَةٌ، تقدّمَ عليه أو لا؟ تقدّمَ عليه، والمانع يقول: مُتعلّق بمحذوف حال، الذي يمنع. وقال: ((فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ)) [الصافات:102] لما بلغَ السعي معَه ظرف تعلّقَ بقوله: السعي، أن يسعى أن يَرأف، إذن هو عامل، ومعه متعلّق بالسعي فتقدّمَ عليه، والمانع يقول: مُتعلّق بمحذوف حال، الذي يمنعُ. ومثله في كلامهم كثير، والتأويلُ تكلُّف، دائماً يؤُوّل يؤُوّل! لا. وليسَ كلّ مُقدّر من شيء حكمه حكم ما قُدّر به، يعني يقول: بأنه إذا قُدّر العمل هنا بـ (أن) والفعل وهو الموصول وصلته، لا يلزم منه أنه يُساويه في جميع الأحكام، وإنما هنا نقول: هو مُقدّر بـ (أن) مصدرية وصلته في تجويد العمل فحسب، وأما كل الأعمال والأحكام التي تتعلّق بـ (أن) والفعل و (ما) والفعل نُنزّله على هذا؟ لا. فرق بين المسألتين.
وليسَ كلّ مُقدر بشيء حكمه حكم ما قُدّر به، ومعه مُتعلق بمحذوف الحال.
ثانياً: لا يُفصل بينهما بأجنبي، وهو ما ليسَ مُتعلقاً بالمصدر، ولا مُتمماً له، كالمبتدأ والخبر وفاعل غير المصدر ومفعوله، وغير الأجنبي ما هو مُتعلّق به ومُتمم له، كفاعل المصدر ومفعوله والظرف والمجرور المتعلقين به، يعني لا يفصل بينَ العامل والمعمول هنا في المصدر ومعموله إلا بما له تعلّق بالمصدر، يعني ما لم يكن أجنبياً، وسبقَ أن الأجنبي وغير الأجنبي هنا المراد به: ما كانَ مُتعلقاً بالمصدر، فكلّ ما كانت له علاقة بالمصدر في كونه معقولاً قدّم وأخّر، وأما إذا كان أجنبياً هذا لا يجوز. فلا يجوزُ (ضربي حسن زيداً في الدار)، (ضربي زيداً في الدار حسنٌ)، ضربي: مبتدأ، وحسن: خبر، إذا قلت: ضربي زيداً الأصلُ أن يكون مُتصلاً به، إذا قلت: (ضربي حسن زيداً) فصلت بين العامل وهو المصدر ومعموله وهو المفعول به بأجنبي وهو الخبر.
ويجوزُ: (ضربي زيداً في الدار حسن) على الأصل، أما المصدر الآتي بدلاً من اللفظ بفعله، فالأصحُ أنه مساوٍ لاسم الفاعل في تحمل الضمير وجوازُ تقديم المنصوب به، والمجرور بحرف يتعلّق به عليه؛ لأنه ليسَ بمنزلة موصول ولا معمول بمنزلة صلته، يعني المصدر الآتي بدل فعله لا يأخذُ هذا الحكم ضرباً زيداً، ولذلك قيل: زيداً منصوبٌ بضرباً وقيل: منصوب بالمحذوف.
إِعْمَالُ اسْمِ الفَاعِلِ
كَفِعْلِهِ اسْمُ فَاعِلٍ فِي الْعَمَلِ ... إِنْ كَانَ عَنْ مُضِِيَّهِ بِمَعْزِلِ
إِعْمَالُ اسْمِ الفَاعِلِ، ما هو اسم الفاعل؟