(وَمَنْ رَاعَى في الاتْبَاعِ) في الاتباع جار ومجرور مُتعلّق بقوله: رَاعَى.

(الْمَحَلَّ) هذا مفعول لراعى.

(فَحَسَنْ) الفاء واقعة في جواب الشرط، وحَسَنٌ خبر مبتدأ محذوف، أي: فرأيه حسن، أو فهو حسن، أي ما ذكر من مراعاة المحل حسن، أو فرأيه حسن.

قال الشارح: إذا أُضيف المصدر إلى الفاعل ففاعلُه يكون مجروراً لفظاً، هذا لا إشكالَ فيه، مرفوعاً محلاً فيجوزُ في تابعه من الصفة والعطف وغيرهما مراعاة اللفظ فيُجر، وهذا الأولى والأرجح، ومراعاة المحل فيرفع فتقول: عجبتُ من شُرب زيدٍ الظريفِ .. الظريفُ، ومن إتباعه على المحل قوله:

حَتى تَهَجَّرَ في الرَّواحِ وهَاجَها ... طَلَبَ المُعَقَّبِ حَقَّهُ المَظْلُومُ

طَلَبَ هذا مصدر، مُضاف إلى المعقب، وهو فاعله، حقّه مفعول للمصدر، المظلوم صفة للمعقب، رفعهُ باعتبار المحل، وإذا أُضيف إلى المفعول فهو مجرور لفظاً منصوب محلاً، فيجوزُ أيضاً في تابعه مراعاة اللفظ والمحل، ومِن مراعاة المحل قوله:

قَدْ كُنْتُ دَايَنْتُ بها حَسَّانا ... مَخَافَةَ الإِفْلاسِ واللِّيَانَ

مخافةِ الإفلاسَ هذا الأصل، حينئذٍ أضافَه إلى المفعول به وهو الإفلاس، والليان معطوف عليه وهو تابع، حينئذٍ جازَ فيه الوجهان وهنا نصبَه، فدلَّ على أنه راعى فيه المحل، فالليان معطوف على محل الإفلاس.

وظاهرُ كلامِ الناظم جوازُ الإتباع على المحل في جميع التوابع وهو مذهب الكوفيين، لذلك أطلقَ.

قال: (وَجُرَّ مَا يَتْبَعُ) أطلقَه ما قيّدَه.

فكلّ ما يتبعُ من صفة ونعت وعطف نسق وبدل جُرّه، فالحكم عام، وهو مذهبُ الكوفيين وبعض البصريين، يعني ليس متفق عليه، وذهبَ سيبويه ومَن وافقه وهم جمهورُ البصريين إلى أنه لا يجوزُ الإتباع على المحل، وفصّل أبو عمرو فأجازَ العطفَ والبدلَ ومنعَ في التوكيد والنعت، والظاهر الجوازُ لورودِ السماع والتأويل خلاف الظاهر، والصواب الجواز.

خاتمة: المصدر المقدّر بالحرف المصدري والفعلِ مع معموله كالموصول مع صلته، فلا يتقدّم ما يتعلّق به عليه، يعني معمول المصدر لا يتقدّم عليه، متى؟ إذا قُدِّر بـ (أن) والفعل، أو (ما) والفعل؛ لأنه لا يكونُ عاملاً إلا إذا قُدّر بهذين النوعين، حينئذٍ جازَ أن يعملَ، فإذا كان كذلك لا يتقدّم عليه معموله، كما لا يتقدّم على الموصول مع صلته، والمضاف مع المضاف إليه، سبقَ أن معمول المضاف إليه لا يتقدّم على المضاف، ولا يفصِل بينهما، كذلك المصدر المقدّر بالحرف المصدري والفعل مع معموله كالموصول مع صلته، فلا يتقدّمُ ما يتعلّقُ به عليه، كما لا يتقدّم شيء من الصلة على الموصول، هذا مذهب الكثيرين.

وقال الرضي: أنا لا أرى منعاً من تقديم معموله عليه، -الرضي شرح الكافية لابن الحاجب، ودائماً إذا نقلوا عن الرضي فمرادُهم من الكافية، وهي من أجودِ ما شُرحت به الكافية-.

لا أرى منعاً من تقديم معموله عليه، -ولذلك يعبرون عنه بالمحقق، يعني له كلامٌ متين جيد، وشرحُه قوي-، أنا لا أرى منعاً مِن تقديم معموله عليه إذا كان ظرفاً أو شبهه، يعني جوّزَ الظرف وشبه الظرف وهو الجار والمجرور، جوّزَ أن يتقدّم على المصدر إذا كان المصدر عاملاً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015