كذلك المصدر لو قيلَ بأن العلة هي شبهه بالفعل، حينئذٍ إذا أُضيف فالإضافة من خصائصِ الأسماء فالأصلُ أنه لا يعملُ، ومع ذلك الأكثر فيه أنه يعملُ مُضافاً، وإذا حُلي بـ (أل)، فالأصل فيه أنه لا يعملُ، لكنه سُمع إعماله، والمجرد هذا أقيسُ وهو أقلُّ من المضاف، وأقيسُ يعني: الأصل أن يكون أكثر عملاً من المضاف؛ لأنه إذا جُرِّد عن (أل) والإضافة ابتعد عن الأسماء فلم يتصل به ما يبعده أو يضعف شبهه بالفعل، ولذلك نقول: هذه العلة فيها نظر.

قوله: إِنْ كَانَ فِعْلٌ مَعَ أَنْ أَوْ مَا يَحُلّ مَحَلَّهُ: (إِنْ كَانَ فِعْلٌ) هذا اسم كان، وكان ناقصة هنا، و (مَعَ أَنْ) مَعَ بالفتح، هذا ظرف مُتعلق بمحذوف صفة لفعل، وأن قُصِد لفظه وهو مضاف إليه، أو مع ما، هنا حُذف المضاف من الثاني لماذا؟ لكونه معطوفاً على مثله، مع أن أو مع ما؛ لأنه لا يجتمعان معاً مع (أن) و (ما) أو (ما) لا يجتمعان معاً في وقتٍ واحد، بل هذا له حالٌ وهذا له حال، فـ (أو) هنا للتقسيم والتنويع وليست للتخيير؛ لأنه إذا كان مع أن إنما يُراد به المضي أو الاستقبال، لكن يُقدّر مع المضي مَعَ أَنْ الفعل الماضي، ويُقدّر مَعَ أَنْ في الاستقبال الفعل المضارع، وأما الحال فيُقدّر بـ (ما) لأنها لا تكون للماضي ولا للاستقبال وإنما تكون لمعنى الحال.

(يَحُلّ مَحَلَّهُ): مكانه يعني، يعني محلّ المصدر، إن كان فعل مع ما ذكر يحلّ محله، يعني محلّ المصدر، مفهومه أنه إن لم يحلّ محله فعل مع (أن) أو مع (ما) حينئذٍ لا يعمل العمل المذكور، وهذا ظاهر النظم، وإن اختارَ في التسهيل أن هذا ليس بشرط، بل هو أمر أغلبي، وظاهر النظم هنا أنه شرطٌ لأنه قال: (بِفِعْلِهِ الْمَصْدَرَ أَلْحِقْ فِي الْعَمَلْ)، ثم بين أحواله: إِنْ كَانَ المصدر الذي يعمل العمل المذكور مَعَ .. إلى آخره.

فحينئذٍ نقول: هذا شرط، ونزيدُ عليه الشروط السبعة التي ذكرناها.

ثم قال: (وَلاِسْمِ مَصْدَرٍ عَمَلْ) عمل لاسم مصدر، لاِسْمِ مَصْدَرٍ جار ومجرور مُتعلّق بمحذوف، خبر مقدم، وفصلَه عما سبق مَصْدَرٍ، لأن ثَم مغايرة بين المصدر واسم المصدر، ثم إعمال اسم المصدر هذا محلّ الخلاف، ولذلك حكمَ الصيمُري بأن إعماله شاذ، يعني يُحفظ ولا يقاس عليه.

ولقلّة إعمال اسم المصدر كذلك فصلَه عما سبق، ولذلك نكّر عَمَلْ؛ (عَمَلٌ) نكَّره، فدلَّ على أنه قليل، والإطباق السابق في قوله: مُضَافاً أَوْ مُجَرَّداً أَوْ مَعَ أَلْ، إِنْ كَانَ فِعْلٌ مَعَ أَنْ أَوْ مَا يَحُلّ مَحَلَّهُ.

هذان الأمران يكونان في المصدر وفي اسمِ المصدر، يعني ليسَ كل اسمِ مصدر يعمل، بل لا بد أن يصحَّ حلولُ فعلٍ مع (أن) أو (ما) محلّه، فإن لم يصحّ حينئذٍ على ظاهر النظم لا يعمل، فكلّ ما اشتُرط في المصدر يُشترط في اسم المصدر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015