فلا يجوزُ في نحو: (أنا مثل ضاربٍ زيداً) أن يتقدم (زيداً) على (مثل) وإن كان المضافُ غيراً، إن كان المضاف لفظ (غير)، وقُصِد بها النفي، ومتى يُقصَد بها النفي؟ بأن صحَّ حلولُ حرف النفي والمضارع محل (غير) ومخفوضها، يعني إذا صحَّ أن يُؤتى بلفظ المضارع مع حرف نفي موضع (غير) قلنا: غير هذه أُريد بها النفي، إن قُصِد بها النفي جازَ أن يتقدَّمَ عليها معمول ما أُضيفت إليه كما يتقدَّمُ معمول المنفي بلا، فأجازوا (أنا زيداً غير ضارب)، أنا غيرُ ضاربٍ زيداً، غير: مضاف، وضارب: مضاف إليه، وزيداً: معمول له، جازَ أن يتقدّم (أنا زيداً غير ضارب)، لماذا جازَ في هذا ولم يجز في الأول؟ لأن غير هنا مُضمّنة معنى النفي وهو صحةُ حلول حرف النفي مع المضارع.

فأجازوا (أنا زيداً غير ضارب)، كما يقال: (أنا زيداً لا أضرب)، هنا يتقدّم المعمول لا إشكال فيه، لأنه فعلٌ والفعل يتصرّف في معموله بالتقدم والتأخر، بخلاف (لن)، (لن) لا يتقدّم عليها معمولها، أما (لا) فيجوز، يعني: لن أضرب زيداً، (زيداً لن أضرب) هذا ممنوع، أما (لا أضرب زيداً) (زيداً لا أضرب) هذا جائز.

ومنه قوله تعالى: ((عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ)) [المدثر:10] غيرُ يسيرٍ على الكافرين، قلنا الأصل أنه لا يتقدَّم معمول المضاف إليه، وهنا تقدَّم معموله (على الكافرين) هذا متعلق بقوله يسير، فتقدم عليه، دلَّ على الجواز.

فإن لم يقصد بغير النفي لم يتقدَّم عليها معموليها، معمولي ما أُضيفت إليه، فلا يجوز في قولك: (قاموا غير ضارب زيداً)، هل يصحّ أن تقدم: (قاموا زيداً غير ضارب)؟ لا يجوزُ، لماذا؟ لأن غير هنا ليست مُضمّنة معنى النفي، حينئذٍ لا يصح أن يحل محلها في هذا التركيب حرف نفي مع الفعل المضارع.

قاموا زيداً غير ضارب، هذا لا يصح؛ لعدم قصد النفي بغير.

انتهى كلامه رحمه الله تعالى.

ثم قال الناظم: المُضَافُ إِلَى يَاءِ المُتَكَلِّمْ.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه أجمعين ... !!!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015