بَشرْطِ عَطْفٍ وَإِضَافَةٍ إِلَى ... مِثْلِ الَّذِي لَهُ أَضَفْتَ الأَوَّلاَ

فإن كان المحذوف المضاف إليه جملة يعني: الكلام فيه جملة، أن يُقال بأنه على ثلاثة أحوال -إذا حُذف المضاف إليه-، فهو على ثلاثة أحوال أو أقسام أو أنواع؛ لأنه تارة يزولُ مِن المضاف ما يستحقّه من إعراب وتنوين ويبنى على الضم، وهذا الذي في قوله:

وَاضْمُمْ بِنَاءً غَيْراً إِنْ عَدِمْتَ مَا ... لَهُ أُضِيفَ نَاوِياً مَا عُدِمَا

يُحذف المضاف إليه فيزول الإعراب من المضاف، متى؟ إذا نُوِي معناه.

إذن ليسَ كلّ مضاف إليه يُحذف حينئذٍ يبقى المضاف على إعرابه، بل قد يزول، وخُذ الأمثلة السابقة (غير وقبل وبعد وحسب وأول ودون والجهات الست وعلُ) كل هذه يُحذف المضاف وتُبنى، لكن ليس مطلقاً وإنما بحذف المضاف مع نية معناه.

لأنه تارة يزول من المضاف ما يستحقه من إعراب وتنوين ويُبنى على الضم نحو: ليس غير ونحو: ((مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ)) [الروم:4] وهذا سبق بيانه.

وتارة يبقى إعرابه ويرد إليه تنوينه، يعني يبقى معرباً لا يُبنى، ويرد إليه تنوينه وهو الغالب، أنه إذا حُذِف المضاف إليه بقي المضاف على إعرابه ورجعَ إليه التنوين الذي حذفناه من أجل الإضافة.

نُوناً تَلِي الإعْرَابَ أَو تَنْوِينَا ... مِمَّا تُضِيفُ احْذِفْ كَطُورِ سِينَا

هذه النون وهذا التنوين إذا حذف المضاف إليه رجع، هذا هو الغالب، وهو الغالب في كل وبعض وأي ومثلها، ((وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الأَمْثَالَ)) [الفرقان:39]، ((أَيًّا مَّا تَدْعُو)) [الإسراء:110] حُذف المضاف إليه وبقي المضاف معرباً ورجع إليه تنوينه، هذا قسم ثاني مما يُحذف فيه المضاف إليه، وتارة -وهو القسم الثالث- يبقى إعرابه ويترك تنوينه كما كان في الإضافة، هذا من قبلنا، وَمِنْ قَبْلِ نَادَى، ((لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ)) [الروم:4] قلنا هنا: حذف المضاف إليه، ونُوِي ثبوت لفظه، فبقي اللفظ المضاف معرباً على الأصل، وأين التنوين؟ لم يرجع التنوين؛ لأن المضاف إليه محذوف لكنه في اللفظ مُراد، يعني منوي مُقدّر، فالمنوي لفظه كالموجود، فلذلك لم يرجع إليه التنوين، "ابْدَأْ بِذَا مِنْ أَوَّلِ" بالكسر؛ لأنه مُضاف، وإذا كان كذلك فحينئذٍ لا يمنع من الصرف، وإنما إذا قُطِع عن الإضافة كلياً قيل: مِن أَوَّلَ ممنوع من الصرف للوزن والوصف.

إذن تارة يبقى على إعرابه ويُترك تنوينه كما كان في الإضافة، وشرطُه ما ذكره الناظم.

وَيُحْذَفُ الثَّانِى فَيَبْقَى الأَوَّلُ كَحَالِهِ: يعني مُعرباً، ولم يُرَد إليه التنوين، ولا نون المثنى ولا الجمع، فيبقى على حاله.

إِذَا بِهِ يَتَّصِلُ: إذا يتصل به، بِهِ جار ومجرور متعلق بقوله: يَتَّصِلُ، إذا به يتصل، إذا يتصل الأول بالثاني أو الثاني بالأول، يعني كأن المضاف إليه موجود، وإذا كان موجوداً حينئذٍ حُذِف منه التنوين ولا يرجع، كذلك يُحذف المضاف إليه ويُنوى كأنه متصل به، فحينئذٍ لا يعود التنوينُ ولا تعودُ النون التي للمثنى والجمع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015