قال الشارح: قد يُحذَف المضاف ويبقى المضاف إليه مجروراً كما كان عندَ ذكرِ المضاف قبلَ حذفِه، لكن بشرط: أن يكونَ المحذوفُ الذي هو المضاف: مُمَاثِلاً لِمَا عَلَيْهِ قَدْ عُطِفْ: عُطِف عليه، يعني يكونُ المضافُ المحذوف معطوفا عليه، لفظاً ومعنى، المماثلة هنا لفظاً ومعنى؛ مثاله قول القائل: (ما مثلُ عبدِ الله ولا أخيه يقولان ذلك)، هذا المثال يذكرُهُ النحاة .. ابنُ هشام وغيره، (ما مثل عبد الله ولا أخيه يقولان ذلك) مثل: مبتدأ وهو مضاف، وعبد الله مضاف إليه، ولا أخيه: الواو حرف عطف، ولا: زائدة لتأكيد النفي. أخيه: مضاف إليه، يعني و (لا مثل أخيه)، حينئذٍ (أخيه) نقول: هذا مجرور بالمضاف. أين المضاف؟ محذوف، لو عطفتَه .. قد يأتي إنسان في عجلةٍ يقول: معطوفٌ على عبد الله؛ لأنه مجرور، مثل عبد الله وأخيه معطوفٌ على عبد الله، والمعطوف على المجرور مجرور، نقول: هذا يفسدُه ما بعدَه، هو جائز .. إذا رأينا إلى النظرَ الظاهري جائز، لكن يفسدُه (يقولان)، يقولان: خبر عن المبتدأ، حينئذٍ إذا جعلتَ (أخيه) معطوفاً على (عبد الله) صارَ جزءاً واحداً، وصارت تثنية الخبر هنا فاسدة، لا يجوز؛ لأنه يُشترَط في المبتدأ والخبر التطابق إفراداً وتثنية وجمعاً، فيقولان ذلك الألف هنا على أي شيء عائدة؟ إذا جعلتَه معطوفاً على (عبد الله) صار شيئاً واحداً وهو المبتدأ (مثلُ) فقط، أما (مثل عبد الله ولا مثل أخيه) صار مثلين، فإذا قلتَ: يقولان، حينئذٍ المبتدأ وما عُطِف عليه صارَ (يقولان) خبرٌ عنه، إذن فيه إعرابان أحدُهما فاسد وأحدُهما صحيح، لا يصحّ إلا على تقدير حذف مضاف من قوله: أخيه. وما مثل عبد الله ولا أخيه يقولان ذلك، أي ولا مثل أخيه؛ فـ (أخيه) هنا حُذِف المضاف وأبقي المضاف إليه كحالِه، ولو رفعناهُ على الأصل قلنا: و (مثلُ عبد الله ولا أخوه)، لو جرينا على القاعدة الأصلية: وَمَا يَلِي الْمُضَافَ يَأْتِي خَلَفَا

عَنْهُ فِي الاِعْرَابِ، حينئذٍ و (ما مثل عبد الله ولا أخوه)، إذا رفعناه؛ لأنه حُذِف المضاف .. (مثل أخيه) حُذِف المضاف وأُقيم المضاف إليه مقامه وارتفعَ ارتفاعه؛ لأنه معطوف على مرفوع والمعطوف على المرفوع مرفوع، لكن هنا أُبقي على حاله فقيل: و (لا أخيه) فدلّ على أنه حذفَ المضاف وأبقى المضاف إليه بجرّه على الأصل، استداموا الجرّ، ويتعينُ هذا لتثنية الخبر (يقولان) ذلك، فلما ثني الخبر حينئذٍ علمنا أن المبتدأ مثنى، فيتعينُ أن يكون (أخيه) مُنفصلاً عن (مثل عبد الله). و (مثل عبد الله ولا زيد ولا عمْرٍ يقولون ذلك) نفسه، لو جعلتَه معطوفاً و (لا زيد ولا عمْرٍ) معطوفاً على الأول (عبد الله) حينئذٍ يقولون الخبر جاء جمعاً، فلم يحصل التطابق؛ لأن الحكمَ صار واحداً، إذا قلت: و (ما مثل عبد الله وزيدٍ وعمروٍ) كلها معطوفة على الأول، جعلتَ المبتدأ مثل فقط وهو شيء واحد، وإذا فصلتَها بالمضافات المحذوفة حينئذٍ جعلتَها ثلاثة أشياء، فيقولون: صارَ الخبر جمعاً، في محله أو لا؟ صارَ في محله، حصلَ التطابق بين المبتدأ والخبر. هذا مثال واضح.

أي و (لا مثل أخيه) بدليل قوله يقولان بالتثنية، وكقول الشاعر:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015