بتَا فَعَلْتَ وَأَتَتْ وَيَا افْعَلِي ... وَنُونِ أقْبِلَنَّ فِعْلٌ يَنْجَلِي
يعني: فعل ينجلي، يظهر ويتميز عن قسيميه الاسم والحرف بتا فعلت، يعني: تاء الفاعل، وليس المقصود هنا بالفاعل الاصطلاحي ولا الفاعل اللغوي من أجل التعميم، كنتُ قائماً، وأتت، يعني: تاء التأنيث الساكنة، ويا افعلي، يعني: ياء المؤنثة المخاطبة، ونون اقبلن: التي هي نون التوكيد الثقيلة والخفيفة.
هذه أربع علامات، والأفعال ثلاثة .. الأفعال باستقراء كلام العرب من حيث الزمن إما ماٍض، وإما مضارع، وإما أمر، فالذي يختص بالماضي من هذه العلامات الأربع تاء الفاعل وتاء التأنيث الساكنة، وهل يشترط في صحة العلامة أن تدخل على كل فعل؟ الجواب: لا، ولذلك قلنا: هاتان العلامتان تاء الفاعل وتاء التأنيث الساكنة لا تدخل على فعل التعجب، وهو فعل ماضي ما أحسن زيداً، وحبذا، وخلا، وعدا، وحاشا بالاستثناء، وكفى بهندٍ، كفى: باتفاق أنها فعل ماضي، وهندٍ: هذا فاعله، والباء هذه زائدة، ومع ذلك هند فاعل وهي مؤنث تأنيثاً حقيقياً، وهو واجب التأنيث أو جائز التأنيث؟ الأول: واجب التأنيث، مع ذلك ما اتصلت به تاء التأنيث، لماذا؟ لأن هذه الأربعة الأنواع التزمت العرب تذكير فاعلها، فلذلك امتنع دخول تاء التأنيث على هذه المذكورات.
كفى بهندٍ، يرد السؤال، نحن نقول: علامة الفعل الماضي قبوله لتاء التأنيث الساكنة، ومن المقرر في باب الفاعل أن الفاعل إذا كان مؤنثاً تأنيثاً حقيقاً، واتصل بعامله وجب التأنيث، وهذا المثال نقول فيه: كفى بهندٍ، لماذا لم نؤنث؟ نقول: هنا يستثنى من القواعد السابقة، وهو ما سمع من لسان العرب، فبعض الأفعال التزم العرب تذكير فاعلها، حينئذٍ لو أسندت إلى مؤنث حينئذٍ تبقى على أصلها، إذاً: بتا فعلت وأتت، نقول: هاتان العلامتان من خواص الفعل الماضي، وتاء التأنيث الساكنة هذه لا تدخل على فعل الأمر ولا على الفعل المضارع.
وَيَا افْعَلِي، يعني: التي تدل على المخاطبة المؤنثة، وهذه العلامة مشتركة بين الأمر والمضارع.
وَنُونِ أقْبِلَنَّ: كذلك مشتركة بين الأمر والمضارع، إذاً: هل ذكر في هذا البيت علامةً للمضارع؟ هل ذكر في هذا البيت علامةً للفعل المضارع؟ نقول: نعم، إذاً: لماذا قال: فعل مضارع يلي لم؟ ليست خاصة به، لما كان قوله: وَيَا افْعَلِي وَنُونِ أقْبِلَنَّ، مشتركاً بين الأمر والمضارع احتجنا إلى علامة تميز المضارع، يعني: لا تدخل إلا على الفعل المضارع، ولا تدخل على غيره، ولذلك قال: ِفعْلٌ مُضَارِعٌ يَلِي لَمْ كَيَشَمْ.
سِوَاهُمَا الْحَرْفُ كَهَلْ وَفي وَلَمْ .. قلنا: ذكر وعدد الأمثلة للدلالة على أن الحرف قسمان، مشترك يدخل على الفعل الاسم، ثم هذا نوعان: منه عامل، ومنه غير عامل، سيأتي في موضعه يبين.
وَفي وَلَمْ .. هذا مختص، ومنه ما هو مختص بالاسم كفي، ومنه ما هو مختص بالفعل كلم.
ثم قال: وَمَاضِيَ الأفْعَالِ بِالتَّا مِزْ وَسِمْ .. يعني مز: ميز ماضي الأفعال بالتاء المذكورة، وهو النوعان المذكوران: بتا فعلت وأتت.
وَسِمْ بِالنُّونِ فِعْلَ الأمْرِ إِنْ أمْرٌ فُهِمْ .. يعني: فعل الأمر علامته مركبة من شيئين: