قول مفرد: هذا لفظ مذكر.
- ما ذكرتموه من اعتراض على من قال: الكلم اسم وفعل وحرف، ومعنى الكلم بالمعنى الاصطلاحي يرد أيضاً على ابن آجروم حيث قال: الكلام وأقسامه: اسم وفعل وحرف، أليس كذلك؟
- قال: الكلام هو اللفظ المركب المفيد بالوضع وأقسامه ثلاث: اسم وفعل وحرف جاء لمعنى، فأقسامه، أي: أقسام الكلام، هذا من تقسم الكل إلى أجزائه، وليس من تقسيم الكلي إلى جزئياته.
- يقول المناطقة: الجنس بالتعريف شأن الإدخال لا الإخراج، فلماذا أخرج النحاة باللفظ؟
- لا النحاة، ولا الأصوليون، ولا غيرهم من أرباب الفنون يسيرون عند التطبيق على ما اصطلحه المناطقة، بل هم المناطقة لا يسيرون على هذا، وإنما هو شيء نظري، فذكرهم للجنس أشبه ما يكون بشيء صوري فقط، ولذلك هل وجد حد تام أم لا؟ في الدنيا هل وجد حد تام أم لا؟ هم يختلفون، منهم من ينفي الحد الناقص يقول: موجود، أما الحد التام ففيه خلاف هل وجد أم لا؟ مع كونهم هم الذين أصلوا هذا الأصل، فهم لم يستطيعوا أن يأتوا بمصطلحاتهم على الحد التام، واختلفوا في هذا، فكيف بغيرهم؟!
بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
تم الكلام على الباب الأول وهو ما يتعلق بالكلام وما يتألف منه، وقد ذكر تحته حد الكلام، ثم الكلمة، ثم أقسام الكلمة اسم وفعل وحرف، وقلنا: لم يقيد الحرف بكونه حرف معنى؛ لأنه إذا أطلق في مقام التقسيم هنا مقابلاً للاسم والفعل لا يشترك معه حرف المبنى فلا نحتاج إلى الاحتراز.
وما قيل من أن قول ابن آجروم السابق: وأقسامه ثلاثة اسم وفعل وحرف جاء لمعنى، أن قوله: جاء لمعنى، احترازاً عن حرف المبنى، هذا غلط، لماذا؟ لأن قوله: وأقسامه، أي: أقسام أجزائه التي هي الكلمة، والكلمة لا يدخل تحتها حرف المبنى، إذاً: من حيث التقسيم ابتداءً خرج حرف المبنى.
ما هو حرف المبنى؟ ما كان جزءاً في الكلمة: زه .. يه .. ده، قلنا: زه هذا حرف مبنى، وأما إلى ومن وعن وفي وعلى، نقول: هذا حرف معنى؛ لأنه يدل على معنىً في غيره، فهو قسيم للاسم والفعل، وقسم من أقسام الكلمة، إذاً: لا يرد معنا ولذلك ابن مالك هنا أطلقه.
ثم قال:
والقَوْلُ عَمْ ... وَكِلْمَةٌ بِهَا كَلاَمٌ قَدْ يُؤَمْ ..
ثم ميز كل واحد من هذه الأنواع الثلاثة الاسم والفعل الحرف بعلامات، وجعل العلامات تعريفاً لها، يعني: اكتفى بالعلامة عن تعريفها بالحد الذي هو الجنس والفصل والإخراج والإدخال، لماذا؟ لصعوبته، وإنما يميز الاسم وهو منطوق به ملفوظ به يميز بشيء ملفوظ، وأما الحقائق التي هي معاني الحدود، فهذه وجودها وجود ذهني لا وجود لها في الخارج إلا في ضمن أفرادها كما سبق معنا، وذكر خمس علامات:
بالجَرِّ وَالْتَّنْوِينِ وَالنِّدَا وَأَلْ ... وَمُسْنَدٍ لِلاِسْمِ تَمْيِيزٌ حَصَلْ
وقلنا: يكفي في الحكم على كون الكلمة اسماً قبولها لواحد من هذه العلامات ولا يشترط فيه أن يجتمع عليه علامتان فأكثر، بل متى ما وجدت فيه علامة واحدة أو قبوله لعلامة واحدة حينئذٍ صح الحكم على الكلمة بكونها اسماً، ثم ذكر علامات الفعل على جهة العموم، فقال رحمه الله: