وَعَلُ توافِق فوقَ في إفادة معناها، وهو العلو وفي بنائِها على الضم، إذا كانت معرفة فيما إذا أُرِيد به علو معين، يعني عَلُ بمعنى فوق، ثم قد يُراد به علو معين، وقد يُراد به علو مجهول .. إذا أُرِيد به علو مُعيّن صارت معرفة، وإذا أُريدَ به علو مجهول صارت نكرة مُبهمة.
إذا كانت معرفة فيما إذا أُريد علو معين: أخذتُ كذا مِن أسفل الدار وكذا من عَلُ، هذا صارت معينة، أخذت كذا من أسفل الدار وكذا من عَلُ أي: من فوق الدار، كقوله: (وَأتَيْتُ نَحْوَ بَنِى كُلَيْبٍ مِنْ عَلُ ... ) يعني من فوقهم.
وتُوافِق فوقَ أيضاً في إعرابها إذا كانت نكرة، فيما إذا أُريدَ بها علوٌ مجهول كقول الشاعر: (كَجُلْمُودِ صَخْرٍ حَطَّهُ السَّيْلُ مِنْ عَلِ ... )، أي من شيءٍ عال.
إذن توافِق عَلُ فوقَ في كونها تُستعمَل معرفة وتُستعمَل نكرة، وتُستعمَل معرفة حينئذٍ تُبنى على الضم، وتُستعمَل نكرة، فحينئذٍ من علِ هذه مجرورة بمن، فحينئذٍ صارت نكرة وحُذِف المضاف إليه ونُوِي لفظه، حينئذٍ نقول: هذه تُعامَل معاملة الاسم المعرب، فإذا دخلت عليها (مِن) وهذا الأصل في عَلُ دخلت عليها (من)، فحينئذٍ تكون مجرورة، ولم يُنوّن، لماذا لم يُنوّن؟ لنية لفظ المضاف إليه، والمحذوف لفظاً وهو منوي كالموجود، وتخالِفُها في أمرين: أن علُ لا تُستعمَل إلا مجرورة بمن، دائماً سواء كانت مبنية أو معربة.
إذن: عَلُ بمعنى فوق، لكنها تخالفها في أن عَلُ لا تُستعمَل إلا مجرورة بمن.
ثانياً: أنها لا تُستعمَل مُضافة بخلاف فوقَ فيهما، فوق هذه لا تُستعمَل إلا مضافة، وأما علُ فلا، لكن يُنوى المضاف إليه يعني: لا يُصرّح به، ليسَ لها حال في تصريح المضاف إليه.
وظاهر صنيع الناظم لها في عداد هذه الألفاظ أنها يجوزُ إضافتها ونصبُها على الظرفية أو غيرها كالحالية، قال في التوضيح: وما أظنّ شيئاً من الأمرين موجوداً يعني: في كلام العرب.
والناظم هنا سوى بين عَلُ وغيرها، في ماذا؟ في كونها تُضاف، وعَلُ لم يُسمَع إضافتها لفظاً، وإلا لم تكن مبنية لو لم يُقدّر المضاف إليه، يعني معنى، كذلك إذا جُرّدت وقُطِعت عن الإضافة أنها تُنصَب على الظرفية، كذلك هذا لم يُسمَع في لسان العرب، هذا يُؤخَذ على الناظم.
قَبْلُ كَغَيْرُ بَعْدُ حَسْبُ أَوَّلُ ... وَدُونُ وَالجِْهَاتُ أَيْضاً وَعَلُ
وَأَعْرَبُوا نَصْباً إِذَا مَا نُكِّرَا ... قَبْلاً وَمَا مِنْ بَعْدِهِ قَدْ ذُكِرَا
وَأَعْرَبُوا، من؟ العرب، نَصْباً على الظرفية ليسَ مطلقاً، هذا يُؤخَذ على الناظم أيضاً؛ لأن نَصْباً هذا يشملُ الحالية، يشملُ كونه مفعولاً به، مفعولاً لأجله، تمييزاً وليسَ الأمر كذلك، وإنما نصباً على الظرفية.
وأعربوا نصباً أو جراً بـ (من)، ضفه، واقتصرَ على النصب لأنه الأصل في الظروف، متى أعربوا نصباً؟
إِذَا مَا نُكِّرَا: ما زائدة ليست على أصلها، إِذَا مَا نُكِّرَا: يعني إذا نُكِّرَ، ليست نافية، إذا ما نُكّرا يعني: عُرِّف، فـ (ما) زائدة:
يا طالباً خذ فائدة ... ما بعد إذا زائدة