إذن نصَّ بالمنطوق على الصورة المبنية، وهي (ما) إذا حُذِف المضاف إليه ونُوِي معناه، فتقول: (قبضتُ عشرة ليس غيرُ)، غيرُ: مبنية على الضم، وهو قول المبرد وهو الذي اختاره الناظم. مبنية على الضم في محلّ رفع أو في محل نصب؟ يحتمل، فيحتمل غير هنا في هذا التركيب مبنية على الضم في محلّ رفع اسم ليس، ليس غيرُ، يعني ليس غيرها مقبوضاً ويكون الخبر محذوفاً، ليسَ مقبوضاً غيرُها، فتكونُ (غيرُ) هذه اسم ليس، ويحتمل أن تكون في محلّ نصب، ويكون اسمُ ليس محذوفاً، (ليس المقبوض غيرُ)، تكون مبنية على الضم في محلّ نصب، المراد هنا أنه إذا ضمت ضم بناء فقلت: (قبضت عشرة ليس غيرُ)، الأصل ليس غيرُها، حذفتَ المضاف إليه ونويتَ معناه دون لفظه فبنيتَ على الضم، فجازَ فيها وجهان: أن تكونَ اسمَ ليس والخبر محذوفاً، والعكس: أن تكون خبرَ ليس في محلّ نصب والاسم محذوف، (ليس المقبوض غيرُ)، (ليس غيرُ مقبوضاً) يجوز فيها الوجهان، وسيأتي تفصيله.

إذن: بالمنطوق دلَّ على صورة البناء، وأما صورُ الأعراب الثلاثة التي إذا صُرّح بالمضاف إليه أو نُوي لفظه دون معناه، أو قُطعت عن الإضافة .. هذه ثلاث صور مأخوذة بالمفهوم.

صورةُ البناء على الضم مأخوذة من المنطوق، وصور الإعراب الثلاث من مفهومات القيود الثلاث؛ لأنه يُفهَم من قوله: إِنْ عَدِمْتَ، إذا لم تعدِم؟ على الأصل وهو أنها معربة، أنك إن لم تعدم ما له أُضيف لم تُبنَ، ومن قوله: ناوياً أنك إن لم تنوِ لم تبنِ، إذا لم تنوِ .. عدمت لكنك لم تنوِ، فحينئذٍ نقول: هذا شرطٌ مخلّ، فإذا لم تنوِ حينئذٍ رجعنا إلى الأصل وهو الإعراب، ومِن قوله: مَا عُدِمَا، بمعنى ناوياً معنى ما عُدِم فقط، فإن نويتَ لفظه حينئذٍ رجعتَ إلى الأصل وهو الإعراب.

إذن:

وَاضْمُمْ بِنَاءً غَيْرَاً إِنْ عَدِمْتَ مَا ... لَهُ أُضِيفَ نَاوِياً مَا عُدِمَا

هذا حلّ البيت، ونقول: إذا وقعَ بعدَ (ليس) وعُلِم المضاف إليه، يعني وقعَ غير بعد ليسَ وعُلِم المضاف إليه كـ (قبضت عشرةً ليس غيرَها) هذا الأصل، قبضتُ عشرة، عشرة دنانير مثلاً، ليس غيرَها: ليس المقبوض غيرها، حينئذٍ عُلم المضاف إليه أو لا؟ كما سيأتي لا يُحذف المضاف إليه إلا بعدَ علمه، يعني لا بدّ أن يكون ثَم قرينة، هنا (قبضت عشرة ليس غيرَها)، غيرها الضمير يعودُ على العشرة، إذن يوجد شيء دلَّ على المحذوف، وجد شيءٌ في النص دلَّ على المحذوف، ليس غيرَها، حينئذٍ جازَ حذفُه لفظاً، فتقول: ليس غيرُ، فيضم (غيرُ) بغير تنوين، فلا تقل: (غيرٌ) لأنها قطعٌ عن الإضافة، ثم اختُلفَ حينئذٍ في هذه الضمة (ليس غيرُ)، هل هي ضمة بناء أم ضمة إعراب؟ ثلاثةُ مذاهب للنحاة، قول المبرد أنها ضمة بناء، وقول الأخفش أنها ضمةُ إعراب، وجوّزَ ابنُ خروف الوجهين .. فهي ثلاثة مذاهب.

إذا قيل بأنها ضمّة بناء على التفصيل الذي ذكرناه، أو الذي اختاره الناظم هنا، إِنْ عَدِمْتَ مَا لَهُ أُضِيفَ، يعني إن حُذف المضاف إليه.

نَاوِياً مَا عُدِمَا: ناوياً معنى ما عُدِم، وهو المحذوف المضاف إليه، حينئذٍ هذه الصورة هي التي عناها المبرد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015