المعرفة خاصّة معرفة كاسمها، تدلُّ على معين، إذن مدلولُها مُشخَّص .. مدلول المعرفة مُشخَّص، فإذا أضفتَ الشرطية أو الاستفهامية إلى المعرفة صارَ عموماً في الأشخاص، والنكرة تدلُّ على الأوصاف .. الشيوع، إذا أضفتَ الاستفهامية والشرطية للنكرة صارَ عموماً في الأوصاف، هذا يُفيدُك في الأصول.
ذلك أنّ أي الاستفهامية والشرطية اسمٌ يعمُّ جميعَ الأوصاف، فإما أن يُراد تعميم أوصاف جنس من الأجناس فتُضاف إلى النكرة، وإما أن يُراد تعميم أوصاف ما هو مُتشخِّص بطريقٍ مِن طُرق التعريف فتُضاف إلى المعرفة، والشرطية والاستفهامية يجوزُ قطعُها عن الإضافة في اللفظ، ((أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا)) [النمل:38] هذه استفهامية، أُضيفت إلى المعرفة، ((أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ)) [القصص:28] هذه شرطية أُضيفت إلى المعرفة، ((فَبِأَيِّ حَدِيثٍ)) [الأعراف:185] استفهامية أُضيفت إلى نكرة، أي رجل جاءك فأكرمه، أُضيفت إلى نكرة وهو مُفرد وهو شرطية.
فيُضافان إلى المعرفة وإلى النكرة مُطلقاً على التفصيل الذي ذكرناه سابقاً، يعني سواء كانا مُثنيين أو مجموعين أو مُفردين إلا المفرد المعرفة، استثناهُ الناظم؛ فإنهما لا يُضافان إليه إلا الاستفهامية فإنها تُضاف إليه كما تقدّم ذكره.
هذا على الاستثناء الذي ذكره، الصواب لا، بل هو عامّ على التفصيل السابق، وَإِنْ كرَّرْتَهَا فَأَضِفِ، أَوْ تَنْوِ الاَجْزَا، هذا ابنُ عقيل خصّهُ بالاستفهامية، وما عداهُ -الشرطية والموصولية- لا.
إذن على كلامِه أن قولَه: وَلاَ تُضِفْ لِمُفْرَدٍ مُعَرَّفِ أَيًّا هذا عامٌّ مُطلقاً، وإنما يُستثنى الاستفهامية بقوله: وَإِنْ كرَّرْتَهَا، أَوْ تَنْوِ الاَجْزَا، حينئذٍ لا يُضاف مُطلقاً عند ابنِ عقيل إلى المفرد المعرف إلا الاستفهامية بشرطين: إما أن تُكرّر وإما أن يُنوى بها الأجزاء، والصواب لا؛ ليسَ كذلك الأمر، وإنما يُستثنى ثلاثة: الموصولية، والاستفهامية، والشرطية، ويُستثنى فقط الوصفية، ولعله أراد الوصفية.
واعلم أن (أياً) إن كانت صفة أو حالاً فهي مُلازمة للإضافة لفظاً ومعنى؛ نحو: (مررتُ برجلٍ أي رجل وبزيد أي فتى)، وإن كانت استفهامية أو شرطية أو موصولة فهي مُلازِمة للإضافة معنى لا لفظاً.
يعني: يجوزُ قطعُها عن الإضافة ويُعوّض عنها التنوين.
(أيُّ رجلٍ عندك)، (أيٌّ عندك) أضفتَها وقطعتها، (أيُّ رجل) بالإضافة، اقطعها تقول: (أيٌّ عندك)، تحذِفُ المضافَ إليه وتأتي بتنوينِ العوضِ عن المفرد.
و (أيَّ رجلٍ تضرب أضرب) و (أياً تضرب أضرب)، ((أَيًّا مَّا تَدْعُو)) [الإسراء:110] حُذِف المضافُ إليه وعُوّض عنها التنوين، و (يعجبني أيُّهم عندك)، ذكرَ المضاف إليه، و (أيٌّ عندك) هذا حذفَ المضاف إليه: أي الرجلين تضرب أضرب، وأي رجلين تضرب أضرب، وأيّ الرجال، وأيّ رجال، وأيّ الرجلين عندك، وأيّ الرجال عندك، وأيّ رجل، وأيّ رجلين، وأيّ رجال.
إذن يجوزُ فيها مطلقاً إلا المفردُ المعرّف فلا يجوزُ إلا إن كُررت أو نُوي بها الأجزاء.
وَأَلْزمُوا إِضَافَةً لَدُنْ فَجَرّْ ... وَنَصْبُ غُدْوَةٍ بِهَا عَنْهُمْ نَدَرْ