وعليه فلا يجوزُ أن يُقال: (أيكم وأي زيد أفضل)، ولا (أي زيد وأي عمرو أفضل)، واستظهرَ ابنُ هشام وغيرُه أن ذلك كله جائز، فحينئذٍ التقييد بإضافته إلى ضمير المتكلم ليس بقيد.

والصوابُ أن (أي) سواء أُضيفت الأولى إلى المتكلم أم غيره حينئذٍ نقول: الحكم عام.

أَلاَ تَسْأَلُونَ النَّاسَ أَيِّ وَأَيَّكُمْ ... غَدَاةَ التَقَينَا كَان خَيراً وَأَكرَماً

أيكم وأيِّ في الموضعين أُضيفتا إلى الضمير، لكن الشاهد في الأولى ليسَ في الثانية؛ لأنّ الثانية هذه أُضيفت إلى ضمير الجمع وهو جائز، وأما الأولى (أي) هي التي محلّ الإشكال؛ لأنها أُضيفت إلى ضمير المتكلم وهو مُفرد، أي مفرد مُعرّف، جوّز ذلك كونها مُكرّرة, وأما الثانية فلا ليس فيها شاهد.

أو قصدت الأجزاء يعني: يجوزُ إضافتها إلى المفرد المعرفة إذا نويت أجزاء ذلك الاسم، إذا كان له أجزاء وإن لم يكن كذلك حينئذٍ لا يجوز، على هذا لا يجوزُ كل اسم مُفرّد مُعرّف أن يُضاف إلى أي يُقصد به الأجزاء، بل لا بد أن يصحّ معه المعنى، فإن لم يصح فلا.

أو قصدتَ بها الأجزاء، كقولك: أي زيد أحسن؟ أي: أيُّ أجزاء زيد أحسن؟ ولذلك يُجاب بالأجزاء، فيُقال: عينه أو أنفه، وهذا إنما يكونُ فيها إذا قُصد بها الاستفهام، وأكثر الشراح ردّوا على تخصيصِ ابنِ عقيل هنا، بل الصواب أنها عامّة تشملُ الاستفهام والشرطية والموصولية.

منعُ ابنُ عقيل هنا في هذا الموضع بكونها: تنوِ الأجزاء بأنه خاصٌّ بالاستفهام هذا ليس بصحيح، بل الصواب أنه عام. قال: وهذا إنما يكونُ فيها إذا قُصد بها الاستفهام، والصواب أنها عامّة في الثلاث.

وإنما يستثنى أي الوصفية فحسب، وأي تكون استفهامية وشرطية وصفة وموصولة، يعني أربعة أقسام، هذا هنا أي بالنظر إلى إضافته إلى المعرفة والنكرة ثلاثة أقسام هي التي قدّمناها فيما سبق.

فأمّا الموصولة .. (أي) الموصولة يجوزُ قطعها في اللفظ عن الإضافة (اضرب أياً هو عاصٍ)، يجوزُ قطعُها عن الإضافة (اضرب أياً هو عاصٍ)، يعني الذي هو عاصٍ.

فذكرَ المصنفُ أنها لا تُضاف إلا إلى معرفة، فتقول: (يعجبني أيهم قائم)؛ لأنها بمعنى الذي، أيٌّ بمعنى الذي وهو معرفة ولا يجوز أن تُضاف للنكرة، وذكرَ غيرُه أنها تُضاف، -وهذا مذهبُ ابنِ عصفور وهو مُخالِف- إلى نكرة ولكنه قليل: (يُعجبني أيُّ رجلين قاما).

وأما الصفة .. الوصفية والحالية هذه لا يجوزُ تكرارها ولا أن يُنوى بها الأجزاء، ويجبُ أن تُضاف لفظاً ولا يجوزُ قطعُها عن الإضافة، هذه من الفوارق بين هذه الآيات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015