وَبِالْعَكْسِ الصَّفَهْ: يعني لا تجوزُ إضافتها إلى المعرفة، بل يجبُ إضافتها إلى النكرة، وأيُّ الوصفية هي المنعوت بها، والواقعة حالاً فلا تُضاف إلا إلى نكرة، (مررتُ بفارسٍ أيِّ فارس) هذه تدلُّ على الكمال، نفس التركيب (مررتُ بفارس أيِّ فارس)، إذا كان ما قبلَها نكرة حينئذٍ صارت صفة، وإذا كان ما قبلَها معرفة فحينئذٍ صارت حالاً، (مررتُ بزيد أيَّ فارس)، تعربها حالاً.
هذه هي التي يُعنوَن لها بالوصفية، وبعضهم يَفصِل بينهما ويقول: النعتية والحالية؛ إن أُعربت حالاً بعدَ المعرفة فهي حالية، وإن أُعربت نعتاً إنما يكون بعد النكرة (مررتُ بفارسٍ أيِّ فارس)، (جاء فارسٌ أيُّ فارسٍ)، (رأيت فارساً أيَّ فارس) على حسب ما قبله.
وأما (جاء زيدٌ أيُّ فارس، أو أيَّ فارسٍ)؟ الثاني (أيَّ فارسٍ) بالنصب على أنه حال، فلا يوافِق ما قبلَه، وَبِالْعَكْسِ الصَّفَهْ.
وَإِنْ تَكُنْ شَرْطاً أَوِ اسْتِفْهَامَا ... فَمُطْلَقَاً كَمِّلْ بِهَا الْكَلاَمَا
مُطْلَقَاً: يعني كمِّل بها الكلام مُطلقاً، تكميلاً مُطلقاً، أو مُطلقاً حال من ضمير بها، إذا قدّرَ النحاةُ تكميلاً مُطلقاً يعني جعلوه مصدراً لموصوف محذوف، وهو مصدر نوعي، أو يجعل هو نفسه حالاً.
فَمُطْلَقاً كَمِّلْ بِهَا الْكَلاَمَا.
قال الشارح: مِن الأسماء الملازمة للإضافة معنى (أيٌّ) في الجملة؛ لأنه سيذكرُ أن الوصفية لا تلزم لفظاً ومعنى.
من الأسماءِ الملازمة للإضافة معنى (أي)، فلا تُضاف إلى مفرد معرفة إلا إذا تكررت، كقوله: (أيّ زيد وأيّ عمرو عندك)؟
أَلاَ تَسْأَلُونَ النَّاسَ أَيِّ وَأَيَّكُمْ ... غَدَاةَ التَقَينَا كَان خَيراً وَأَكرَماً
و (أَيِّى وَأيُّكَ فَارِسُ الأَحْزَابِ ... )، هنا في البيتين أي وأيك، أُضيف أيُّ الأولى إلى الضمير المتكلم، والثاني مَفتوح ليسَ فيه شرط، اشترط السيوطي وغيره في صحّة تَكرارِ (أيٍّ) وإضافتها إلى المفرد المعرف أن تكون (أيٍّ) الأولى مضافة إلى ضمير متكلم، فإن لم تُضَف فلا، لا يجوز، استناداً إلى هذا البيت؛ لأنه قال: أيِّ وأيكم، أُضيفت (أي) الأولى إلى ضمير المتكلم، بهذا القيد صحّ، وإلا فلا، لماذا؟ لأنّ القياس يقتضي أن لا تُضاف أيًّ إلى المفرد المعرّف، فإذا سُمِع خلافه فحينئذٍ صارَ خارجاً عن القياس، فيتقيّد بالمذكور فحسب؛ لأنه لم يُنقل إلا إضافة الأول إلى الضمير، هكذا قال السيوطي وغيره، والأكثرُ على أنه مُطلقاً فلا يتقيّدُ بالضمير، اشترطَ بعضهم أن يكون أول لفظي (أيٍّ) مُضافاً إلى ضمير المتكلم كما في البيت السابق، إذا كُررت وجوّز إضافته إلى المفرد المعرّف لا بد أن تكون (أيٍّ) الأولى مُضافة إلى ضمير المتكلم، سواء أكان ما تُضاف إليه أي الثاني ضميراً كما في البيت، أم كان اسماً ظاهراً نحو: (أي وأي زيد أفضلُ)، وعليه فلا يجوز أن يقال: (أيك وأيُّ زيد)، على رأي السيوطي لا يجوز؛ لأنه أُضيف الأولى إلى كاف الخطاب، أيُك ولم يقل أيِّ .. على هذا القول لا يجوز، وإنما يتعيّنُ أن تكون أي الأولى مُضافة إلى ضمير المتكلم.