مَن اشترطَ التعريف حينئذٍ لزِمَ أن لا يُضيف (كلا) و (كلتا) إلا إلى مُعرّف، ومَن جوَّزَ توكيد النكرة جوّزَ حينئذٍ أن تُضاف كلا وكلتا إلى النكرة؛ لأن العلاقة الآن بين كلا وكلتا بين مؤكِّد ومؤكَّد، فكل الشروط التي تُذكَر في باب التوكيد حينئذٍ تُذكَر في هذا المحلّ، ولذلك انتُقِد ابنُ مالك رحمه الله هنا لأنه سيأتي أنه وافقَ الكوفيين في كون المؤكَّد إذا كان نكرة مُفيدة أنه يجوزُ، وَإنْ يُفِدْ تَوْكِيدُ مَنْكُورٍ قُبِلْ، فجوّزَ تأكيد النكرة إذا كانت مُختصّة، وهنا اشترطَ التعريف، والعلاقة هي واحدة، والحكم هو الحكم، ولذلك إن لزِمَ هنا أن يشترَط التعريف حينئذٍ لا بد هناك أن لا يصحح توكيد النكرة المخصوصة.
إذن التعريف شرط في كون كلا وكلتا مُضافة إلى ما يلزم الإضافة.
التعريف فلا يجوزُ كلا رجلين ولا كلتا امرأتين خلافاً للكوفيين إذ جوّزوا إضافتهما إلى النكرة المختصّة نحو: كلا رجلين عندَك قائمان، وحكي كلتا جاريتين عندَك مقطوعة يدها، هذا يُوافق مذهبَ الكوفيين.
حُكِي: يعني سُمِع، كلتا جاريتين: هذا أُضيف كلتا إلى النكرة، عندَك هذه مُختصّة وصفٌ لها، مقطعة يدها: أي: تاركة للغزل.
واشترط التعريف لأنهما يدلان على التوكيد، أي: توكيد ما يضافان إليه، والبصريون لا يجوِّزون توكيد النكرة.
بِلاَ تَفَرُّقٍ: يعني بأن يكون الدلالة على الاثنين لأن ما دلَّ على الاثنين قد يكون بتفرّق، تقول: (جاء الزيدان)، (جاءَ زيدٌ وزيدٌ)، هذا مُتفرّق، (جاء زيدٌ وعمرو)، هذا بتفرّق، هنا يُشترَطُ أن يكونَ اللفظُ الدال على الاثنين كلمة واحدة، فلا يصحّ أن يقال: (جاء كلا الرجل والرجل)، أو (كلا زيد وعمرو)؛ هذا لا يصحُّ لأنه مُتفرّق، والتأكيد إنما يكونُ مؤكِّداً لكلمة واحدة لا لكلمتين، حينئذٍ تعيّنَ أن يُقال بأن المضافَ إليه في باب (كلا) و (كلتا) أن لا يكونا مُتفرّقين بل كلمة واحدة، فلا يجوزُ (كلا زيد وعمرو)، إذا استوفى المضافُ هذه الشروطَ الثلاثةَ حينئذٍ جازَ أن تُضاف (كلا) و (كلتا) إليها.
أُضيف (كلتا) و (كلا) لمفهم اثنين مُعرف بلا تفرق .. أُضيف: هذا مُغير الصيغة وكلتا نائب فاعل، و (كلا) مضاف إليه ولمفهم مُتعلق بأُضيف، والبقية نعتٌ له.
قال الشارح: مِن الأسماء الملازمة للإضافة لفظاً ومعنى، إذن لا تنفكُّ عن الإضافة كلتا وكلا، ولا يُضافان إلا إلى معرفة، مثنى لفظاً ومعنى، على ما ذكرناه من التفصيل.
نحو: (جاءني كلا الرجلين وكلتا المرأتين) أو معنى دون لفظ نحو: (جاءني كلاهما وكلتاهما) ومنه قوله:
إِنَّ لِلْخَيْرِ وَلِلشَّرِّ مَدًى ... وَكِلاَ ذَلِكَ وَجْهٌ وَقَبَلْ
كِلاَ ذَلِكَ، (ذا): قلنا المشار إليه مثنى.
وهذا هو المراد بقوله: لِمُفْهِمِ اثْنَيْنِ مُعَرَّفٍ، واحترزَ بقوله بِلاَ تَفَرُّقٍ من معرّف أفهَمَ الاثنين بتفرّق، يعني كلمة وكلمة، فإنه لا يُضاف إليه كلا وكلتا فلا تقل: كلا زيد وعمرو جاء، وقد جاء شاذاً كقوله:
(كِلاَ أَخِى وَخَلِيلى وَاجِدِى عَضُدًا) كلا أخي، أخي هذا مفرد، وخليلي مثل كلا عمرو وزيد، هذا شاذ يُحفظ ولا يُقاس عليه.
كلا: هذا مُبتدأ ومُضاف، وأخي مضاف إليه، وخليلي معطوف عليه.
واجدي: هذا خبر.