إذن: قولهم: وَاخْصُصْ أَوَّلاَ أَوْ أَعْطِهِ التَّعْرِيفَ إنما قصدوا التعريفَ والتنكيرَ فحسب, وليسَ الحكمُ خاصّاً بهذين المعنيين فحسب, يعني: الإضافة المعنوية إذا قيلَ بأنها أفادت الأولَ تعريفاً أو تخصيصاً ليسَ معناهُ أن الإفادة محصورة في هذين الشيئين فحسب لا, قد يستفيدُ الأول من الثاني .. المضاف من المضاف إليه التأنيث، إذن: الإضافة معنوية, أو التذكير, إذن: الإضافة معنوية؛ لأنه أفاده تذكيراً.

إذن: نقول: ويكتسبُ المضافُ من المضاف إليه غيرهما أيضاً كالتعريف والتخصيص والتخفيف ورفعَ القبح, وهذان يكونان في الإضافة اللفظية, وكالظرفية نحو: كل وقت؛ كل هذا ظرف، لماذا؟ لأنه أُضيف إلى اسم زمان, وكل هذه باعتبار ما تُضاف إليه.

إذن: الظرفية، استفاد كل الظرفيةَ من المضاف إليه, وهذا تأثيرٌ معنوي, والمصدرية مثل: كلّ الميل؛ كلّ هذا مصدر تقديراً؛ لأنه أُضيف إلى المصدر. إذن: استفادَ المضاف من المضاف إليه المصدرية.

كذلك وجوب التصدير أولَ الكلام، غلام مَن عندك؟ غلام مَن: هذا واجب التصدير، لماذا؟ (غلام) واجب التصدير وهو مضاف و (مَن) مضاف إليه؛ لأنه أُضيف إلى ما له الصدارة في الكلام.

والبناء كما سيأتي فيما أُجري مجرى إذا؛ بأنه يستفيد البناء من المضاف إليه.

إذن: وربما أكسبت ثان أولا تأنيثاً أو تذكيراً، لكن اشترطَ الناظمُ هنا إِنْ كَانَ لِحَذْفٍ مُوهَلاَ, أي: أهلاً أي: صالحاً للحذف والاستغناء عنه بالثاني، يعني إذا صحَّ أن يُحذَف المضاف ويُستغنى عنه بالمضاف إليه, وصحَّ التركيب اكتسبَ التأنيث أو التذكير, وإذا لم يكن كذلك حينئذٍ لا يصحّ.

مُوهَلاَ أي: أهلاً إذ أصلُه المجعول أهلاً وليسَ هو الشرط, وإنما أن يكونَ أهلاً في نفسِه لا أن يُجعَل أهلاً .. أن يكونَ أهلاً في نفسه, هذا هو الشرط, وإما موهلاً .. مؤهلاً هذا الأصل حينئذٍ نقولُ: هل الشرط أن يجعل أهلاً أو أن يكون أهلاً في نفسه؟ الثاني, ولذلك موهلاً المراد به أهلاً أي: صالحاً للحذف والاستغناء عنه بالثاني.

قال الشارح: قد يكتسبُ المضافُ المذكر من المؤنث المضاف إليه التأنيث، لفظٌ مضاف مذكّر يُضافُ إلى مؤنث يكون المضاف إليه مؤنثاً فيستفيد ويكتسب المضاف التأنيث مِن المضاف إليه، بشرط أن يكون المضاف صالحاً للحذف وإقامة المضاف إليه مقامه, ويُفهَم منه ذلك المعنى, قُطعت بعضُ أصابعه, بعض مُذكّر أُضيفَ إلى أصابع اكتسبَ التأنيث بدليل تأنيث الفعل, ما قال: قُطعَ بعضَ أصابعه، قال: قُطعت, فدلَّ على أن نائب الفاعل هنا مُؤنث قُطعت بعض أصابعه, هنا بعض مُذكّر أُضيف إلى أصابع .. أصابعه فهي مُؤّنث لأنه جمع, وكل جمع مؤنث حينئذٍ نقول اكتسبَ المضاف وهو لفظ بعض وهو مذكّر في الأصل .. اكتسب التأنيث من المضاف إليه, ولذلك أنّث له الفعل قال: قُطعت بعضُ أصابعه, احذف المضاف بعض: قطعت أصابعه، يكون مجازاً من إطلاق الكلّ مُراداً به البعض, صحّ التركيب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015