ولا بحرف جرّ مُقدّر أصلي، وهذا فاسد، لأنه يقتضي أن يكون هذا الحرف المقدّر، وهو حرف جرّ أصلي أن يكون له مُتعلّق، إذا كان حرف جرٍ أصلياً وجب أن يكون له مُتعلّق، أين هو؟ حينئذٍ لابد من الفصل بين المضاف والمضاف إليه.

إذن: الأصح هو مذهب سيبويه، وهو قولُ الجمهور، ومن أدلتهم: اتصال الضمير بالمضاف والضمير لا يتصل إلا بعامله.

وَالثَّاني اجْرُرْ: عرفنا حكمه، ثم تعرَّضَ لمسألة وهي: أن المضاف والمضاف إليه .. بعد أن عرفنا أن العاملَ هو المضاف وهذا لا يُنافي المسألة الآتية، وهو أن تكونَ الإضافة على معنى حرف من حروف الجرّ، لا أنه هو العامل ومُؤثِّر، وإنما لكونِ الاسم الأول المضاف نحتاجُ إلى ما يُوصِل معناه إلى الثاني، يعني: الآن حروف الجرّ قلنا: هي تجرُّ معاني، من سابق إلى لاحق، طيب: غلامُ زيد؟ لا يمكن أن يجرَّ الأول معناه المطلوب منه إلى الثاني وهو النسبةُ إلا بواسطة، وهذه الواسطة حرف منوي.

إذن: لا بدّ من تقديرِ حرف مَنوي ليصحَّ إيصال معنى المضاف إلى المضاف إليه، ولذلك الجمهور وهم يقولون: بأنّ المضاف هو العامل في المضاف إليه لم ينازعوا في تقدير هذا الحرف، ولا يلزم من تقدير الحرف أن يكون هو العامل لا، العاملُ هو المضاف، ثم تكون الإضافة على معنى حرفٍ، لماذا تكون على معنى حرف؟ لأن وظيفةَ الحرفِ هي إيصال المعاني إلى ما بعدَه، وهنا عندنا معنى من المضاف وهو جامد في الأصل، والمضاف إليه وهو جامد في الأصل، إذن: لا بد من توصيلةٍ تُوصِل المعنى الأول الذي هو معنى المضاف إلى معنى المضاف إليه.

قال:

.. وَانْوِ مِنْ أَوْ فِي إِذَا ... لَمْ يَصْلُحِ الاَّ ذَاكَ وَاللاَّمَ خُذَا

جمهور النحاة على أنه لا بدَ من التقدير، وذهبَ أبو حيان إلى أنه لا يُقدَّر لا حرفٌ ملفوظٌ به ولا منوياً، وخالف جماهير النحاة، والجماهير على خلافه.

ذهبَ بعضهم، وهو أبو حيان أن الإضافة ليست على معنى حرف أصلاً، ولا هي على نيّة حرف، يعني: مجرّد ارتباط بين المضاف والمضاف إليه، حينئذٍ نقول: نسبةٌ تقييدية .. التي سبقَ التعريف، هل هي مُنطبِقة على المضاف والمضاف إليه دونَ إشعار بحرف، أو أنه لا بدّ من حرف؟ أبو حيان يقول: لا، ما دام أنها نسبة تقييدية بين اسمين لا يلزمُ من ذلك أن يكون بينهما واسطة وهو حرف، والجمهور على المنع، ومذهبُ الزجاج أن الإضافة تكونُ على معنى اللام ليس غير، اللام فقط، هذا مذهب ثاني، وجعلَها هي العامل في المضاف إليه كما سبق، وهذا ضعيف، من جهةِ التخصيص ضعيف، كونه لا تكون إلا على معنى اللام ضعيف، وكونها هي العامل هذا أضعفُ وأضعفُ، ومذهبُ الجمهورِ أن الإضافة تكون على معنى اللام ومِن فقط، وعلى معنى اللام بأكثرية، وعلى معنى مِن بكثرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015