وقيل: عكسُه، وثالثُها يجوز في كلٍّ منهما كلٌّ منهما، يجوزُ في كلٍّ منهما، يعني: غلام وزيد، كلٌّ منهما أنه مضاف أو مضاف إليه، وهذه عبارة السيوطي في (همع الهوامع)، ولا يكونُ المضاف إلا اسماً كما ذكرناه سابقاً، فهو من علامةِ الاسمية، ودليله أمران:

الأول: أن الإضافة تعاقِبُ التنوينَ، أو النونَ القائمة مقام التنوين، كما ذكرناه هنا أن الثاني يُنزّل منزلة الأول بمنزلة التنوين منه، وينزل منزلة ما يقومُ مَقامَ التنوين وهو النون في المثنى وجمع التصحيح.

الثاني: الغرضُ من الإضافة تعريفُ المضاف، والفعل لا يتعرّفُ، فلا يكون مضافاً؛ إذن: لهذين السببين حكمنا على المضاف بأنه لا يكون إلا اسماً.

السبب الأول: أن المضاف إليه يعقُبُ التنوين والنون، وهل التنوين والنون تدخلُ على الفعل؟ الجواب: لا، إذن: اختصَّ بالمضاف. والتنوينُ لا يدخل إلا الأسماء.

الثاني: أن الإضافة تفيد تعريفَ المضاف إليه، وهذه لا، لأن المضاف إليه يُفيدُ تعريفَ المضاف، حينئذٍ لا يكون المضاف فعلاً بل يكون اسماً، والأصل في المضاف إليه أن يكون اسماً كذلك؛ بسببِ كونه محكوما عليه في المعنى، لو نظرتَ إلى هذه النسبة بين الطرفين .. اسمين لخرجتَ بأن المضاف إليه في المعنى محكوم عليه، وإن لم يظهر في كل إضافة، لكن في الجملة المضاف إليه لا يكون إلا محكوماً عليه، ولا يُحكَم إلا على الأسماء، وإضافةُ الجمل على التأويل باسم هو مصدر المسند أو الكون العام كما ذكرناه سابقاً.

إذن: الإضافةُ تكونُ بين لفظين اسمين: مضاف ومضاف إليه، والأول هو المضاف والثاني هو المضاف إليه، وقيل: عكسُهُ، وقيل: كلٌّ منهما يصحّ إطلاق اللفظ عليه.

قال: الإِضَافَة

نُوناً تَلِي الإِعْرَابَ أَوْ تَنْوِينَا ... مِمَّا تُضِيفُ احْذِفْ كَطُورِ سِينَا

وَالثَّانِيَ اجْرُرْ وَانْوِ مِنْ أَوْ فِي إِذَا ... لَمْ يَصْلُحِ الاَّ ذَاكَ وَاللاَّمَ خُذَا

لِمَا سِوَى ذَيْنِكَ وَاخْصُصْ أَوَّلاَ ... أَوْ أَعْطِهِ التَّعْرِيفَ بِالَّذِى تَلاَ

نُوناً: بالنصبِ على أنه مفعول به لقوله: احْذِفْ، كأن أول الكلام: احذِف نوناً تلي الإعراب أو تنويناً، إذن: إذا أردتَ إضافة اسمٍ إلى آخر لابدّ من عملية، هذه العملية تشملُ شيئين، ما يجب حذفُه وما يجوز حذفُه، ما يجبُ حذفُهُ هو ما نص عليه بقول: احْذِفْ .. هذا أمر، والأمر يقتضي الوجوب.

إذن: إذا أردتَ إضافة اسم إلى اسم آخر يجبُ حذفُ التنوين والنون التي تلي الإعرابَ من المضاف، فالكلام هنا عن المضاف، فبيّنَ العمليةَ التي تُجرى أولاً من أجل التركيب الإضافي بأن تحذفَ النون من الأول؛ لأن الثاني نُزِّل منزل التنوين مما قبله، وتحذفُ النون التي تكون في المثنى وفي جمع التصحيح؛ لأنها قائمةٌ مقامَ التنوين، فحُذِف الأصل وفرعه، فإذا حُذِف التنوين الذي هو أصل، -تنوين الصرف-، إذا حُذِف فمن باب أولى وأحرى أن تحذف النون، لذلك قال: نُوناً تَلِي الإِعْرَابَ أَوْ تَنْوِينَا: وقدَّمَ النون هنا على التنوين من باب الضرورة فقط، وإلا التنوينُ هو الأصل والنون هذه قائمة مقامَه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015