طيب. رُبّ لها معنى في التقليل قليل وفي التكثير كثير، حينئذٍ نقول: دلّت رُبّ على التكثير أو دلّت على التقليل. إذن: لها معنى خاص، لكن هل لها مُتعلّق؟ لا، ليس لها مُتعلّق، لعلّ اللهِ، نقول: هذا أفادَ الترجي، فهو حرف شبيهٌ بالزائد؛ لأنه له معنى خاص، لكن ليسَ له متعلق، فلولا تدلُّ على امتناع لوجود، ورب تدلُّ على التكثير أو التقليل، ولعل تدلُّ على الترجي، وليسَ لواحد منها متعلق.

إذن: هذه الحروف الثلاثة الأنواع، منها ما له مُتعلَّق وهو الحرف الجرّ الأصلي فقط، وله معنى خاص، ومنها ما له معنى خاص، وليسَ له مُتعلّق وهو الحرف الشبيه بالزائد، وأما الزائدُ فليسَ له معنى خاص، وله معنى وهو التوكيد مُغايِر لمعناه الأصلي، وليسَ له متعلق.

المسألة الثانية: يجبُ أن يكون للجارّ متعلّق يتعلّقُ به، وهو فعل أو ما يُشبه الفعل، أو مؤُوّل بما يشبهه، هذه ثلاثة أشياء.

((أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ)) [الفاتحة:7]؟ عَلَيْهِمْ: جارّ ومجرور متعلق بقوله: أَنْعَمْتَ، ((غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ)) [الفاتحة:7]؟ عَلَيْهِمْ مُتعلّق بـ الْمَغْضُوبِ وهو اسم مفعول؛ مُتعلّق به على أنه نائب فاعل.

((وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِ وَفِي الأَرْضِ)) [الأنعام:3] فِي السَّمَوَاتِ: مُتعلق بلفظ الجلالة؛ لأنه في معنى المشتق، قلنا سابقاً: إن (الله) مُشتقّ في الأصل هذا الصحيح، فحينئذٍ أصله الإله، والإله فِعال بمعنى مفعول، تجد في الشروح يقولون: أن الله المراد به المسمى بهذا الاسم، هكذا يقولون -الأشموني والمكودي وغيرهم-، بناء على أنه جامد ليس بمشتقّ، مُسمّى بهذا الاسم، إذن: أوّلُوه بالمسمى والمسمى اسم مفعول، فتعلّقَ به قوله: ((وَفِي الأَرْضِ)) [الأنعام:3] وهذا فاسد، بل الصواب: أنه مُتعلّق باللفظ نفسه ليس بتأويل، مُتعلّق باللفظ نفسه ودلّ على أنه مُشتقّ، ولذلك جاء قوله: ((وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ)) [الزخرف:84]، هي الآية نفسها: ((وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ)) [الزخرف:84]، دلَّ على أن تلك الآية التي في سورة الأنعام مُفسَّرة بهذه، حينئذٍ نقول: اللهَ أصله إله، ولن نُؤوّله بإضافة المسمى إلى الاسم، فإن لم يكن شيء من هذه موجوداً في اللفظ قُدِّر الكون المطلق، إذا لم يكن في اللفظ فعل ولا شبهُ الفعل أو مؤولٌ بما يشبه الفعل حينئذٍ ليسَ لك مفر إلا أن تُقدِّر له كوناً مطلقاً، كائن أو يكون.

فإن لم يكن شيء من هذه موجوداً في اللفظ قُدِّر الكون المطلق مُتعلقًا، كما تقدّمَ في الخبر والصلة.

ويُستثنى من ذلك خمسة أحرف، التي قلنا: بأنها شبيهةٌ بالزائد.

وهو خمسة أحرف:

الأول: الحرف الزائد ليس له متعلق.

الثاني: لعلّ، في لغة عُقيل؛ لأنها بمنزلة الزائد، لذا مجرورها في موضع رفع بالابتداء، بدليل ارتفاع ما بعدَها على الخبرية.

الثالث: لولا، على قول سيبويه، فهي بمنزلة لعل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015