كَالطَّعْنِ، قالوا: هذا فاعل، والفاعل لا يكون جارّاً ومجروراً، إذن يتعيّنُ أن نحكم على الكاف بأنها زائدة، ولم يَنهى الطعنُ ذوي الشططِ هذا الأصل، إذن نقول: ولم يَنهى الطعن، لو قيل بالكاف هنا بأنها أصلية على بابها حرف، أين فاعل ينهى؟ لا وجودَ له، ولا يمكن أن يُوجَد فعل بدون فاعل، ثم كالطعن إذا قيلَ بأنه الفاعل وهي على أصلها، للزمَ أن يكون الجار والمجرور واقعاً فاعلاً وهذا مُمتنِع، إذن: يتعينُ أن نحكم على الكاف بأنها اسمية.
إذن: ولن ينهى مثلُ الطعنِ؛ فهي مضاف ومضاف إليه، فالكافُ هنا فاعل وهو مضاف، والطعن مُضاف إليه.
وَاسْتُعْمِلَ اسْماً لكنه قليل، وهو مخصوصٌ عندَ سيبويه والمحققين بالضرورة، يعني: ليسَ في سَعة الكلام، وأجازه كثيرون منهم الفارسي والناظمُ في الاختيار؛ أجازوا في: "زيدٌ كالأسدِ" فيه إعرابان: زيدٌ كالأسدِ؛ زيدٌ: مبتدأ وكالأسد: جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر. "زيدٌ كالأسدِ" زيد: مبتدأ والكاف: خبر، وهو مضاف والأسد مضاف إليه، إذا جعلناها اسمية: زيدٌ مثلُ الأسدِ، فأجازوا في: "زيدٌ كالأسدِ" أن تكون الكاف في موضع رفع، والأسد مخفوض بالإضافة.
وَكَذَا عَنْ وَعَلَى: وَكَذَا، أي: وكذلك أيضاً يُستعمَل (عَنْ) وَ (عَلَى) اسمين، كما استعمل كافُ التشبيه اسماً، ثم علّلَ استعمالهما اسمين، بقوله: مِنْ أَجْلِ ذَا عَلَيْهِمَا مِِنْ دَخَلاَ.
وَكَذَا عَنْ: عَنْ: مبتدأ، وَكَذَا: خبر مُقدّم، وَعَلَى: معطوف عليه، وهما حينئذٍ إذا حكمنا بالاسمية مبيّنان؛ مبنيّان لمشابهة الحرف في اللفظ وأصلِ المعنى؛ لأنّ (على) أشبهت (على) الحرفية، و (عن) الاسمية أشبهت (عن) الحرفية في اللفظِ وأصلِ المعنى كما قال ابن الحاجب، وقيل: مُعربان، وقيل: (على) اسم دائماً، واستُعمِلت علماً ... إذا قيلَ (اسم) صارت علماً، واستُعمِلت (على) فعلاً ماضياً، تقول: علا يعلو علوّاً، وعلا يعلى علاءً؛ مثل بقى يبقى بقاءً، علا يعلى علاءً، وعلا يعلو علوّاً، ففيها وجهان. و (على) تأتي فعلاً ماضياً، تقول: علا يعلو علوّاً وعلى يعلى علاء، كـ (بقى يبقى بقاء)، و (علا) الفعلية ليس رسمها كرسم (على) الحرفية؛ لأن (على) الحرفية تكتب بالياء، وأما الفعلية فتكتب بالألف لأنها عن واو، علا يعلو، حينئذٍ تُكتَب بالألف تُرسم بالألف، بخلاف الحرفية فإنها تُرسَم بالياء، ومقتضى هذا أن (على) الاسمية تُرسم بالياء، وهذا إنما يظهرُ إذا كانت من (على يعلى)، أما إذا كانت من (علا يعلو)، فكتابتها بالألف لأنها حينئذٍ واوية.
إذن: وَكَذَا عَنْ وَعَلَى: يُستعمَلان اسمين كما استعمل الكاف اسماً، فتكون (عن) بمعنى جانب، وتكون (على) بمعنى فوق:
غَدَتْ مِنْ عَلَيهِ بَعدَما تَمَّ ظِمؤُها ... تَصِلُّ وعَنْ قَيضٍ بزَيزاءَ مجْهلِ
غَدَتْ مِنْ عَلَيهِ: يعني: مِن فوقه.
ولَقَدْ أَرَاني للرِّمَاحِ دَرِيَئَةً ... مِنْ عَنْ يَمِينِي يعني: من جانب يميني.
إذن: تُخصّ بالمعنى، فيقال (عن) الاسمية بمعنى الجانب، و (على) الاسمية بمعنى فوق.