ذكرَ للكاف ثلاث معاني، التشبيه وهو الأصل فيها، مُشاركة أمرٍ لأمر إما حقيقة أو مجاز، شَبِّهْ بِكَافٍ: زيدٌ كالأسد، الكاف هذه أفادت التشبيه، وهذا الأصل فيها وهو الكثير .. وأكثرُ معانيها.
شَبِّهْ بِكَافٍ، شَبِهْ فعل أمر وبِكَافٍ متعلق به.
وَبِهَا التَّعْلِيلُ قَدْ يُعْنَى: التعليل قد يُعنى بها، التَّعْلِيلُ مبتدأ وجملة قَدْ يُعْنَى خبر، وَبِهَا متلق بـ (يعنى)، ظاهرُهُ أنه قليل، لذلك قال: وَبِهَا التَّعْلِيلُ قَدْ يُعْنَى: قَدْ هنا للتقليل، فظاهرُهُ أنه قليل.
وقال في شرح الكافية: ودلالته على التعليل كثيرة، إذن: خالفَ ما في أصله في الكافية.
وَبِهَا التَّعْلِيلُ قَدْ يُعْنَى: يعني تأتي للتعليل، كما في قوله تعالى: ((وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ)) [البقرة:198]، (ما) هنا مصدرية، أي: لأجل هدايته إياكم، وقال هنا: وَزَائِدَاً لِتَوْكِيدٍ وَردْ: يعني: وردَ حرفُ الكاف زائداً لتوكيد، زَائِدَاً: حالٌ من الضمير المستتر في وَردْ، ولِتَوْكِيدٍ هذا متعلق به.
إذن: جِيءَ بها للزيادة، والمراد بالزيادة التأكيد، ليسَ الزيادة معنى من المعاني، وإنما الزيادة وصفٌ للفظ من حيث هو، كونُه دخيلاً على الجملة، وأما ماذا أفادت بعد الزيادة؟ فالتأكيد: ((لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)) [الشورى:11] هذا مثالٌ مشهور، فيه أوجهٌ كثيرة وكلام كثير، لكن الصحيح أن الكاف هنا يُقال أنها صلة زائدة للتوكيد، ليسَ مثله شيء، شيء: هذا اسم ليس، ومثله: هذا خبر مُقدّم، وهو منصوب في الأصل، دخلت عليه الكاف تأكيداً، ليس مثله شيء ليس مثله شيء ليس مثله شيء.
وَزَائِدَاً لِتَوْكِيدٍ وَردْ: يعني: وردَ الكاف للتأكيد.
ومما زِيدت فيه قولُ رُؤبة: لَوَاحِقُ الأَقْرَابِ فِيهَا كَالْمَقَقْ: الأصلُ فيها المققُ أي: الطولُ، وما حكاه الفراءُ أنه قِيل لبعض العرب: كيف تصنعون الأقط؟ فقال: كهيِّنٍ، أي: هيّناً.0
وَاسْتُعْمِلَ اسْماً وَكَذَا عَنْ وَعَلَى ... مِنْ أَجْلِ ذَا عَلَيْهِمَا مِِنْ دَخَلاَ
وَاسْتُعْمِلَ اسْماً: مِن حروف الجرّ ما قد يكون ثَم اسم موافِق له في اللفظ، وإنما يتجوّزُ النحاة فيقال: (عن) أو (على) تأتي حرفية واسمية .. المراد اللفظ فحسب، الموافقة في اللفظ، ولذلك نقول: إذا قيل بأنه اسم، حينئذٍ نحكم عليه بالبناء، لماذا؟ لأنه أشبه (على) الحرفية لفظاً ومعنى، حينئذٍ قولهم: (على) تأتي حرفية واسمية ليس على اللفظ وهو مكرر مرّتين والوضع واحد، لا، ليس هذا المراد.
وَاسْتُعْمِلَ اسْماً: إذن: من حروف الجرِّ ما يخرجُ عن الحرفية ويُستعمَل اسماً وذلك خمسة أحرف، ذكر في هذا البيت ثلاثة: وَاسْتُعْمِلَ اسْماً: استعمل الكاف التي للتشبيه، هذا معنى رابع ويزاد.
وَاسْتُعْمِلَ اسْماً: أي: الكاف، اسْماً: بمعنى "مثل"، اسْماً: هذا حال، وذكَّرَ الفعل هنا على إرادة الحرف، وَاسْتُعْمِلَ، ولم يقل استُعمِلت، مُراداً به الحرف؛ لأن الحرف مذكّر، وَاسْتُعْمِلَ اسْماً، أي: استعمل الكاف اسماً؛ حال كونه اسماً بمعنى مثل، مثل ماذا؟
أَتَنتَهونَ؟ وَلَنْ يَنْهَى ذَوِي شَطَطٍ ... كَالطَّعْنِ يَذْهَبُ فيهِ الزَّيتُ والفُتُلُ