حينئذٍ ليس مثلها، هذا نازعها شيء من جهة المعنى، فحينئذٍ لما ثبتت لها آثار الفعلية وهو كونها ترفع وتنصب، وهذا الأصل في الفعلية، ثانياً: كونها تتصل بها وهو الشاهد معنا .. كونها تتصل بها تاء الفاعل، حكمنا عليها بأنها فعل: ((لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ)) [الغاشية:22] لست .. نقول: لست .. ليس، هذا الأصل فيها، ليس: هذه فعل بدليل ماذا؟ بدليل اتصال تاء الفاعل بها، وتاء الفاعل لا تتصل إلا بالفعل.

وأجاب الفارسي: بأن لحاق التاء لليس لشبهها بالفعل في كونه على ثلاثة أحرف، وبمعنى ما كان، ورافعاً وناصباً، لكن هذا التعليل ضعيف، لماذا؟ لأنه من جهة الاجتهاد وجهة المعنى، وهنا اتصال التاء باللفظ من جهة اللفظ، فهو منطوق به، وخاصةً مجيئه في أفصح الكلام: ((لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ)) [الغاشية:22] .. ((لَيْسُوا سَوَاءً)) [آل عمران:113] فهي فعل اتصل به الواو، وليس: صار مسنداً، وعلى من زعم من الكوفيين حرفية عسى، قياساً على لعلَّ، وبالثانية رد على من زعم من الكوفيين كالفراء اسمية: نعم، وبئس.

إذاً: ليس، وعسى، ونعم، وبئس: أفعال على الصحيح، بدليل اتصال إحدى التائين المذكورتين تاء التأنيث أو تاء الفاعل بها، وهذا يكفي في ثبوت فعليتها، وما قيل من التعليل أنها حرف رجاء ونحو ذلك فهذا كله مردود؛ لأنه من جهة المعنى، ولأنه اجتهاد، ولأن ما اتصل بها من الألفاظ مقدم على المعاني، هذا هو الأصل في هذا، فاشترك التاءان في لحاق ليس وعسى .. لست .. ليست اتصل بها التاءات، ليس وعسى، عست هندٌ مفلحةً.

((فَهَلْ عَسَيْتُمْ)) [محمد:22] تاء الفاعل، تاء الفاعل إذا كان المخاطب واحد، تقول: صليت .. هل صليت، أليس كذلك؟ تفتح التاء، نحن نقول: المخاطب تكون التاء مفتوحة بتا فعلت للمخاطب، ((فَهَلْ عَسَيْتُمْ)) [محمد:22] التاء مضمومة هنا ما السر؟ لأن الميم الدالة على الجمع يناسبها ما قبلها أن يكون مضموماً، إذاً: إذا كان المخاطب بها جمع حينئذٍ ضمت، فهل عسيتم .. هل صليتم .. هل صمتم .. هل زكيتم؟ إلى آخره، نقول: التاء هنا تكون مضمومة.

وأما في المخاطب المفرد، هل صليتَ .. هل صمتَ .. هل زكيتَ؟ تكون بالفتح، هذا تنبيه، إذاً: اشترك التاءان في لحاق ليس وعسى، وانفردت الساكنة .. تاء التأنيث الساكنة بنعم وبئس، ولا تتصل بها تاء الفاعل، أليس كذلك؟ نعمت المرأة هندٌ .. بئست المرأة دعدٌ.

وانفرد التاء الفاعل بتبارك على قولٍ، تبارك .. تباركت يا الله، وهل تتصل به تاء التأنيث الساكنة؟ هذا محل النزاع، والظاهر أنها تتصل؛ لأنه يقال: تباركت أسماء الله، وقيل: تبارك تقبل التائين، تقول: تباركت يا الله، وتباركت أسماء الله.

بتَا فَعَلْتَ وَأَتَتْ وَيَا افْعَلِي .. أتت: هذه نقول التاء: تاء التأنيث الساكنة، وكذلك تاء الفاعل، تتصل بكل فعل ماضٍ إلا أربعة أنواع، لا تقبل إحدى التائين البتة:

الأول: أفعال التعجب، ما أحسن زيداً .. ما أحسن عمرواً .. ما أحسن هنداً يبقى على الأصل، أفعال التعجب لا تقبل لا تاء الفاعل ولا تاء التأنيث.

ثانياً: حبذا في المدح، لا يقبل تاء التأنيث ولا تاء الفاعل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015