إذاً: في هذه الأنواع الثلاثة، قالتِ امرأة .. قالتُ امة .. قالتا، نقول: هنا الأصل في التاء أنها ساكنة، وحركت عرضاً، ما الدليل على أن هذه الحركة لا تأثير لها في كون الأصل في التاء السكون، نقول: رمتا، (الهندان رمتا)، رمى: إذا اتصلت به تاء التأنيث، قلت: رمت هندٌ، رمت .. راء ثم ميم، ثم تاء، رمت، والأصل: رمى مثل: فتى، لما أريد اتصال التاء به التقى ساكنان: الألف والتاء، لا يمكن تحريك الأول، ولا يمكن حذف الثاني؛ لأنه حرف معنى، حينئذٍ حذفنا الألف، أليس كذلك؟ فقيل: رمت .. رمت، على وزن: فعت، اللام محذوفة .. رمت هندٌ.
رمتا .. لما اتصلت الألف بالفعل الذي ألحقت به التاء حينئذٍ تحركت التاء لمناسبة الألف، أليس كذلك؟ حركت التاء لمناسبة الألف، لو كانت هذه الحركة معتبرة، نقول: هذه الحركة غير معتبرة، بل الأصل هو السكون، وهذه الحركة عرضاً، إذ لو كانت أصالةً، لرجعت الألف، لأننا نقول: رمتا .. رمت: حذفت الألف للتخلص من التقاء الساكنين، طيب! ورمتا، ليس عندنا ساكنان، في اللفظ ليس عندنا ساكنان، فلو كانت هذه الحركة معتبرة لرجعت الألف، فدل على أن التحرك هنا بالفتح إنما هو لمناسبة ماذا؟ الألف، ولا حذف إلا بحركة أصلية كما سيأتي في محله.
أما تاء التأنيث المتحركة أصالةً فلا تختص بالفعل، بل إن كانت حركتها إعراباً اختصت بالاسم نحو فاطمة وقائمة، وإن كانت غير إعراب فلا تختص بالفعل، بل تكون في الاسم نحو: لا حول ولا قوة إلا بالله، وهذه كما سبق حركة بناء.
وفي الفعل نحو هندٌ تقوم، نعم هو هذا الشاهد الذي أردناه .. هندٌ تقوم، التاء هذه تاء تأنيث، وحركت بماذا؟ بالفتح، هل حركتها حركة بناء أو بنية؟ نقول: بنية، لماذا؟ لأنها في أصل الكلمة، لما دخلت على المضارع وامتزجت به قلنا: صار كالحرف منه، كأنه جزء من الفعل المضارع، وإذا كان كذلك فهو كحركة الزاي من زيد، إذاً: هندٌ تقوم نقول: هذه حركة بنية.
وفي الحرف نحو رُبَّةَ وثُمَّةَ على لغة تحريك تائيهما، وهما ولاةَ ولعلَّة على لغة من ألحق: لعلَّ تاء ساكنة، وليس من الحروف ما أنث بالتاء إلا هذه الأربعة فقط، لاةَ ولعلَّة .. لاتَ، أصلها: ولاةَ سيأتي في محله، لاةَ .. لا وزيدت عليها التاء، لعل .. لعلَّة، ورُبَّة وثُمَّة، فقط التي أنثت من الحروف، وما عداها فعلى الأصل.
وبهاتين العلامتين .. إذاً: عندنا علامتان: بتا فعلت، المراد بها تاء الفاعل على جهة العموم الذي ذكرناه، وأتت: أي: تاء التأنيث الساكنة أصالةً، وكلا العلامتين علامة على الفعلية، فعلية الفعل الماضي، ولا تدخل على المضارع ولا على الأمر.
وبهاتين العلامتين وهما تاء الفاعل وتاء التأنيث الساكنة رُدَّ على من زعم من البصريين كالفارسي حرفية ليس قياساً على ما النافية، ليس، هل هي حرف أو فعل أو اسم؟ لم يكن ثم قول بأنها اسم، انتهينا بالإجماع .. بقي هل هي فعل أم حرف؟ عند الفارسي ونحوه أنها حرف، لماذا؟ لأنها لا تدل على حدث .. ليس فيها حدث، وإنما هي لمجرد النفي، مثل ما النافية، وما النافية حرف باتفاق.