الشرط الثالث: هو كونُ النكرةِ عندَ بعضهم فاعلاً أو مفعولاً أو مبتدأً أو مفعولاً مطلقاً، حينئذٍ لا تُزاد مع غير هذه الأربعة، مع المبتدأ: وهو مثالُ الناظم الذي ذكرناه، ومثله: ((هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ)) [فاطر:3]، هذا مثال للمبتدأ، كذلك مع الفاعل، مثل: ((مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ)) [المائدة:19] بشير هذا فاعل دخلت عليه (مِن) وهي زائدة؛ لأنه نكرة، وهي مسبوقَة بنفي، المفعول به: ((وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ)) [إبراهيم:4]، وما أرسلنا رسولاً، كذلك على المبتدأ المنسوخ، ((فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ)) [الحاقة:47]، حاجزين: مجرور بالياء، فدلَّ على أن ما هذه عاملة عملَ (ليس)، وأحد: مبتدأ، إذن: دخلت عليه (مِن) وهو منسوخ، كذلك على المفعول المطلق: ((فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصَارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ)) [الأحقاف:26]، أصلها شيئاً، ما أغنى شيئاً، هذا مفعول مُطلق دخلت عليه (مِن)، إذن: غير هذه الأربع عند الكثيرين لا يصحّ أن تكون مدخولاً لـ (من) الزائدة.
إذن: ليست (كلّ) نكرة، هذه ثلاثةُ شروط لابدّ من استيفائها، فائدة هذه (من) الزائدة إذا دخلت على النكرة أفادت العموم، التنصيصَ على العموم؛ هذه فائدتها؛ لأن النكرة في سياقِ النفي والاستفهام تفيدُ العموم، لكنها ظاهرة في العموم، إذا دخلت عليها من حينئذٍ صارت نصّاً في العموم، ففرقٌ بين العموم الظاهر والعموم النصي، والتي لتنصيصِ العموم هي التي مع نكرة لا تختصُّ بالنفي، بعضُ الألفاظ مثل: ديّار، وأحد، هذه مختصّة بالنفي، ولو لم تكن في سياق النفي، بعضُ الألفاظ مُلازِمة للنفي، ولو لم تكن في سياق النفي، حينئذٍ ما لا يكونُ مُلازِماً للنفي إذا دخلت عليه (من) صارت نصاً في العموم.