* تتمة معاني حروف الجر
* عمل الحروف لعد دخول (ما) الزائدة عليها
* عمل بعض الحروف وهي محذوفة
* فائدة أقسام حروف الجر من حيث الأصالة والزيادة. متعلقات الجار والمجرور.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد.
ما زالَ الحديث في بيان معاني (من) التي ذكرها الناظم رحمه الله تعالى، وهي خمسُ؛ ذكر خمساً أشارَ إليها بقوله:
بَعَّضْ وَبيَّنْ وابْتَدِئْ فِي الأَمْكِنَهْ ... بِمِنْ وَقَدْ تَأْتِي لِبَدْءِ الأَزْمِنَهْ
يعني: بدءَ الغاية في الأزمنة؛ جمعُ زمانٍ، كما جاءت في بدء الأمكنة؛ جمع مكان، وزِيدَ هذا المعنى الخامس، والمراد به التوكيد أنها تأتي للتوكيد؛ وذلك إذا كانت زائدة، وتكون زائدة بشرطين:
الأول: أن تكون بعدَ نفي وشبهِ النفي وهو الاستفهام والنهي، والثاني: أن تكونَ نكرة .. أن يكون ما بعدَها مدخوله نكرة، إذا وُجِد حينئذٍ صحَّ أن يقال بأن من زائدة وأفادت التوكيد، إذا انتفيا أو انتفى أحدُهما حينئذٍ لا تصحُّ أن تكون (من) للتوكيد.
وَزِيدَ فِي نَفيٍ: يعني: في سياق النفي، وَشِبْهِهِ: شبه النفي كما سبقَ معنا هو الاستفهام والنهي، فَجَرْ: جرَّ يعني ذلك الحرف، وهو (من)، هنا ذكَّرَ باعتبار الحرف، نَكِرَةً: يعني: مدخولها يُشترَط فيه أن يكون نكرة، كَمَا لِبَاغٍ مِنْ مَفَرْ: هذا مثال لدخول (من) بعدَ نفي، (ما): حرف نفي، لِبَاغٍ: جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر، مِنْ مَفَرْ: مَفَرْ هذا مبتدأ مؤخّر مرفوع ورفعه ضمّة مقدّرة على آخره منعَ من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد.
ومثالها كما ذكرَ الشارح: ما جاءني مِن أحد، وأحد: هذا فاعل، إذن: دخلت على المبتدأ، ودخلت على الفاعل، وستدخلُ على بعضها كما سيأتي، ولا تُزاد عند جمهورِ البصريين إلا بشرطين، ويُزاد عليه شرطٌ ثالث؛ الأول: أن يكون المجرور بها نكرة، أن يسبقها نفي أو شبهه، والمراد بشبهِ النفي النهي، نحو: لا تضربْ من أحد، أحدٍ: هذا مفعول به، والاستفهام: نحو: هل جاءك من أحد، هل هو مطلق الاستفهام؛ كل استفهام؟ الجواب: لا، ليسَ كل استفهام يصحُّ أن تكون (من) بعده زائدة، وإنما الاستفهام بـ (هل)، كذلك الهمزة على الأوجه فلا تُزاد مع غيرهما لعدم السماع، لم يُسمَع إلا في (هل) والهمز وما عداهما فلا.
إذن: الاستفهام ليسَ على إطلاقه، ولأنّ غيرهما .. غير الهمزة والاستفهام لا يُطلَب به التصديق، بل التصوّر بخلافهما، فإن (هل) لطلب التصديق فقط، والهمزة له ولطلب التصور، وهذا بحثُه في علم البلاغة.