إذاً: المراد بها تاء التأنيث الساكنة، وهذه الساكنة صفة لتاء، لا للتأنيث، أصالةً، يعني: في أصل وضعها هي ساكنة، وهذا محل وفاق: أن تاء التأنيث تعتبر ساكنةً وهي حرف .. حرف معنى، وضع للدلالة على ما ذكرناه.

قامت هندٌ، قام: فعل ماضي، والتاء، نقول: حرف تأنيث دال على تأنيث الفاعل، مبني على السكون لا محل له من الإعراب، وهندٌ: فاعل، وقال بعضهم: بل تاء التأنيث اسم، وهذا خرق للإجماع، وما بعده بدل عنه، وهو باطل، لماذا؟ لأن المبدل منه: يجوز إسقاطه ويستغنى عنه بالبدل، وهنا لو أسقطناه؟ الإعراب على هذا القول، قامت هندٌ، قام: فعل ماضي، والتاء: ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل، وهندٌ: بدل منه، إذاً التاء: مبدل منه، من علامات صحة البدل إسقاط المبدل منه وإقامة البدل مقامه، هل يصح هنا؟ لا يصح: قام هندٌ، إذاً: هذا القول فاسد من أصله، لا يلتفت إليه.

تاء التأنيث الساكنة أصالةً، نحو: أتت هندٌ، وقولنا: تاء التأنيث، أي: تأنيث الفاعل تأنيثاً معنوياً، والأحسن المسند إليه، فلا يرد حينئذٍ تاء: رُبَّةَ وثُمَّةَ لماذا؟ لأن التاء هنا في رب؛ لأن رب حرف وثم حرف، وقد اتصلت به تاء تأنيث ساكنة، هل نقول: رب وثم أفعال؟ نقول: لا، لماذا؟ لأن التاء هنا لتأنيث اللفظ، لا لتأنيث المعنى، والتي تعتبر علامة على الفعلية هي تاء التأنيث المعنوي، ففرق بينهما.

فإن روعي المعنى فهي علامة على الفعلية، وإن روعي اللفظ، فحينئذٍ ليست علامةً على الفعلية بل دخلت الحرف، إذاً: ورُبَّةَ سائل، تحركت التاء هنا لغة، وقول الشاعر أيضاً:

وَلَقَدْ أَمُرُّ عَلَى اللَّئيمِ يَسُبُّني ... فَمَضَيْتُ ثُمَّتَ قُلْتُ لا يَعنيني

فثُمَّةَ ورُبَّةَ على لغة من سكنهما حينئذٍ نقول: التاء هنا لتأنيث اللفظ لا لتأنيث المعنى، وقولنا: الساكنة، تاء التأنيث الساكنة، نقول: هذا القيد للإخراج .. احترزنا به عن المتحركة في المثالين السابقين، ورُبَّةَ .. ثُمَّةَ هذه متحركة ولا إشكال فيها.

أصالةً: نقول: هذا قيد لهذا القيد، لكن للإدخال، والاحتراز بالساكنة عن المتحركة، وبالأصالة عن الحركة العارضة، أما المتحركة: فإن كانت حركتها حركة إعراب فهي خاصة بالاسم، نحو: مسلمة، نقول: هذه تاء التأنيث متحركة أصالةً .. متحركة أصالةً بحركة إعراب، حينئذٍ هذه من خواص الأسماء، ونلحقها بما ذكرناه سابقاً، هذا متى؟ إذا كانت تاء التأنيث متحركةً أصالةً.

فإن كان حركتها حركة بناء حينئذٍ تدخل .. هل تختص بالفعل؟ إذا كان حركتها حركة بناء: لا حول ولا قوة، قوة: هذا مؤنث أو لا؟ مؤنث، وهو مختوم بالتاء، والتاء هنا محركة لكن حركتها حركة بناء، حينئذٍ نقول: هذه الحركة حركة بناء، وليست حركة إعراب، فإذا كان كذلك فليست من خواص الاسم، بل تدخل الحرف كما في المثال الذي ذكرناه رُبَّةَ، على لغة من فتح.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015