وأما دخول اللاحقة لعسى (فَهَلْ عَسَيْتُمْ)، نقول: عسى فعل الصحيح، لماذا؟ لاتصال تاء الفاعل بها، إذ هي تاء من قام به الرجاء أو انتفى عنه، إذاً: بتا فعلت، المراد هنا بتاء المطابقة الدالة بالمطابقة على من وجد منه الفعل .. الحدث، أو قام به أو نفي عنه، ليعم كل ما ذكرناه، وليس المراد به الفاعل الاصطلاحي ولا الفاعل اللغوي، بتا فعلت، وهذه تدخل على ماذا، تاء الفاعل تتصل بماذا، بأي أنواع الفعل؟ الماضي، وهل تدخل على الفعل المضارع؟ الجواب: لا، من خواص الفعل الماضي دخول أو قبول تاء الفاعل به .. اتصالها به، لماذا؟ لأنها بالسماع .. سماع ما نقل عن العرب لم ينقل أنها دخلت على المضارع ولا على الأمر، واضح؟
أما الأمر؛ فلأن الفاعل لا يكون إلا مستتراً، هذا واضح، وأما المضارع؛ فلأن الفعل المضارع إذا أسند إلى .. تتصل به، المضارع تتصل به؟ نقول: لا، لا تتصل به، لماذا؟ ..
لا، هذا في تاء التأنيث الساكنة، يأتي معنا.
بتا فعلت .. إذاً: تاء الفاعل خاصة بالفعل الماضي، والتعليل السابق فيما بعده.
وأتت .. يعني: عطف على ماذا؟ بتا فعلتَ، وبتاء أتتْ، قلنا: تا فعلتَ: مضاف ومضاف إليه، حينئذٍ أتت هذا قصد لفظه، هل هو معطوف على تاء أو معطوف على المضاف إليه .. هل هو معطوف على المضاف أو على المضاف إليه؟ يحتمل هذا ويحتمل ذاك، حينئذٍ إذا عطفناه على المضاف صار لا بد من التقدير بتا فعلت، وبتا أتت، وإذا عطفناه إلى المضاف إليه حينئذٍ بتا صار مشتركاً بين التائين: تاء الفاعل وتاء التأنيث الساكنة.
إذاً قوله: وأتت، عطف على تا فعلت، بتقدير مضاف، أي: وتاء أتت، أو على فعلت .. على جعل التاء في قوله: بتا، من استعمال المشترك في معنييه، وهذا جائز.
بتا فعلتَ: مضاف ومضاف إليه، وأتتْ: هذا إما أن يكون معطوفاً على المضاف وهو تا، وإما أن يكون معطوفاً على المضاف إليه، إن عطف على المضاف .. على تاء حينئذٍ لا بد من التقدير، يعني: وتاء أتت، مثل الأول، وإن عطف على المضاف إليه حينئذٍ بتا: يكون لفظاً مشتركاً بين التائين.
إذاً: وأتتْ: المراد به تاء التأنيث الساكنة، تاء التأنيث من إضافة الدال إلى المدلول، مثل تنوين التمكين، من إضافة الدال إلى المدلول؛ لأنه حرف معنى، تاء التأنيث حرف معنى، إذاً: تاء التأنيث: حرف دال على تأنيث .. تأنيث ماذا؟ تأنيث الفاعل، هذا على المشهور، ضربت هندٌ عمرواً، ضربت هندٌ، ضربت: التاء هذه تاء التأنيث الساكنة اتصلت بالفعل الماضي، لماذا اتصلت به؟ للدلالة على تأنيث الفاعل، وهو: هند، ضَرَبَت هند.
ضُرِبَت هندٌ، ما إعراب هند؟ نائب فاعل، هل هو فاعل؟ لا، إذاً: أنث الفعل هنا واتصلت به تاء التأنيث للدلالة على تأنيث نائب الفاعل.
((وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ)) [التحريم:12] كانت .. هي مريم، التاء هذه تاء التأنيث الساكنة، اتصلت بالفعل كان للدلالة على ماذا؟ على تأنيث الفاعل؟ لا، على تأنيث نائب الفاعل؟ لا، على تأنيث اسمها، ولذلك نقول: الأولى أن يقال: تاء التأنيث الدالة على تأنيث المسند إليه، ليعم الفاعل ونائب الفاعل واسم كان، وأما إذا خصصناها بالفاعل حينئذٍ خرج نائب الفاعل، وخرج اسم كان.