والاسم كذلك بالإجماع لا يتقدَّمُ عليه التمييز؛ نحو: عندي عشرون درهماً, فلا يجوز (عندي درهماً عشرون)؛ لا يتقدم عليه وهذا محل وفاق؛ لأنه ضعيف والعامل الضعيف لا يتصرف في معموله.
وَعَامِلَ التَّمْيِيزِ قَدِّمْ مُطْلَقَا أما توسُّطه بين العامل ومعموله فهو جائز بالإجماع (طاب نفساً زيد) توسَّطَ بين العامل ومعموله هذا جائز بالإجماع, والكلامُ هنا في تقديم التمييز على العامل.
وَعَامِلَ التَّمْيِيزِ قَدِّمْ مُطْلَقَا وأما تقديم التمييز على معمول العامل دون العامل هذا جائز.
وَالْفِعْلُ ذُو التَّصْرِيفِ نَزْراً سُبِقَا قليل؛ قيل شاذ يُحفظ ولا يُقاس عليه.
وَالْفِعْلُ ذُو التَّصْرِيفِ يعني: مُتصرف أي: مجيءُ عاملِ التمييز الذي هو فعل متصرِّف مسبوقاً بالتمييز نزرٌ، أي: قليل، قليل أن يتقدم التمييز على العامل وهو فعل متصرف.
وَالْفِعْلُ: مبتدأ، ذُو التَّصْرِيفِ نعت، نَزْراً سُبِقَا: الألف للإطلاق وسُبِقَ هذا مغير الصيغة وفيه نائب فاعل, ونَزْراً هذا حال منه .. يعني قليل.
قال الشارح: مذهبُ سيبويه رحمه الله أنه لا يجوزُ تقديمُ التمييز على عامله سواء كان مُتصرّفاً أو غير مُتصرف مطلقاً, فلا تقولُ نفسًا طاب زيد, ولا عندي درهماً عشرون، وأجاز الكسائي والمازني والمبرد تقديمه على عامله المتصرف مُحتجينَ بما ورد وقياساً على غيره من الفضلات المنصوبة بفعل متصرف .. من باب القياس؛ فتقول نفساً طابَ زيد, وشيباً اشتعلَ رأسي؛ ومنه قوله:
أَتهْجُرُ لَيْلَى لِلْفِرَاقِ حَبِيبَهَا ... وَمَا كَانَ نَفْساً بِالْفِرَاقِ تَطِيبُ
وَمَا كَانَ نَفْساً بِالْفِرَاقِ تَطِيبُ, أين العامل؟ تَطِيبُ, وهنا نفساً تقدّم عليه.
والفراء وأكثر البصريين والكوفيين على المنع، لأن الغالب في التمييز المنصوب بفعل مُتصرِّف كونه فاعلاً في الأصل.
قال: ووافقه المصنفُ في غير هذا الكتاب على ذلك وجعله في هذا الكتاب قليلاً, فإن كان العاملُ غير متصرف فقد منعوا التقديم بالإجماع؛ يعني: الجامد والاسم, فلا يُقال (ما أحسن زيداً رجلاً) أو غيره، لا يتقدّم (رجلاً) على (ما أحسن)، ولا يتوسط، و (عندي عشرون درهماً) لا يتقدم (درهماً) على (عشرون) , وقد يكون العامل مُتصرِّفا ويمتنع تقديمُ التمييز عليه عند الجميع (كفى بزيد رجلاً) , (كفى يكفي)، إذن هو متصرف هذا بالإجماع لا يجوز تقديم التمييز عليه؛ لأنه أشبهَ الجامد من حيث دلالته على المعنى, والجامدُ لا يصحُّ تقديم التمييز عليه, وكذلك ما أشبهه في المعنى مثل كفى.
وأجمعوا على منع التقديم في نحو كفى بزيد رجلاً لأن كفى وإن كان فعلاً متصرفاً إلا أنه في معنى غير المُتصرّف فهو فعل التعجب، لأن معناه ما أكفأه رجلاً.
إذن: كفى لكونه في معنى فعل التعجب مُنع من أن يتقدّم عليه.
بقيَ مسألة ونختم بها وهي: ما اتفقَ فيه الحال والتمييز وما افترقا, يتفقُ الحال والتمييزُ في خمسة أمور, ويفترقان في سبعة أمور, يتفقان في أنهما: اسمان .. نكرتان .. فضلتان .. منصوبتان .. رافعتان للإبهام.
ويفترقان في سبعة أمور:
الأول: أن الحال تجيءُ جملةً وظرفاً, والتمييز لا يكون إلا اسماً.
الثاني: الحال قد يتوقّفُ معنى الكلام عليها بخلاف التمييز.