إذن: اجْرُرْهُ نقول: هذا جوازاً، متى؟ إذا أردنا الشيء الذي يُكال؛ التمر نفسه, البر نفسه, وإذا أردنا الآلة نفسَها المنا والقفيز والشبر -إذا أردنا الآلة نفسها وجب الجر لكن لا يكون على معنى (من) وإنما يكون على معنى اللام.

جوازاً .. اجرره جوازاً فإن أُريد نفس الآلة التي يُقدّر بها وجب الجر, لكن ليس هذا مراداً هنا, لأن الإضافة فيه على معنى اللام لا (من)، حتى يكون تمييزاً, فليس بتمييز, لكن إذا تُكلِّم به يلتبس بالتمييز.

إذا أَضَفْتَهَا يعني: أضفتَها إلى التمييز هذه المقدّرات الثلاث إذا أضفتَها إلى التمييز اجرره جوازاً.

كَمُدُّ حِنْطَةٍ غِذَا كقولك: مُدُّ حِنْطَةٍ غِذَاء, عندي مدٌّ حِنطةً هذا الأصل, مثل صاعٌ .. حنطةً، حنطةً هذا نقول تمييز وقع بعد المدّ والمد هذا اسم آلة، حينئذٍ جاز إضافته إلى التمييز فتقول عندي مدُّ حنطةٍ بالإضافة, فيحتمل النوعين لكن ليس النوع الثاني مراد هنا.

(مدُّ حنطةٍ) الآلة نفسها وجب الجر يعني مدٌّ للحنطة, ويحتمل ماذا؟ الشيء المقدر نفسه الحنطة, حينئذٍ يكون (مدّ حنطةٍ) مدٌّ من حنطة على معنى (من)، لكن باللام ليس هو المراد، لكن إذا تُكلّم به يحتمل الوجهين.

وَبَعْدَ ذِي وَشِبْهِهَا اجْرُرْهُ جوازاً

إِذَا أَضَفْتَهَا يعني: إلى التمييز المنصوب؛ إذا أضفتها إليه.

كَمُدُّ حِنْطَةٍ، مُدُّ مبتدأ وهو مضاف, وحِنْطَةٍ مضاف إليه.

غِذَا هذا خبر المبتدأ, مُدُّ: مبتدأ, وغِذَا: هذا خبر المبتدأ. وشبرُ أرضٍ، شبرٌ أرضاً, وقفيزُ بر, (قفيزاً) (براً) هذا الأصل, و (مَنوا عسلٍ) منوين هذا الأصل فيه, غِذَاء أعربه الشاطبي بدلاً أو حالاً, وغذاء بمعجمتين ككتاب, غذاءٌ ككتابٌ, وهو ما يُغتذى به في أي وقت, غذاء في أي وقت, وأما الغذاء كسحاب فهو ما يُؤكل أول النهار, غذاء كسحاب.

وَالنَّصْبُ بَعْدَ مَا أُضِيفَ وَجَبَا ... إِنْ كَانَ مِثْلَ مِلْءُ الاَرْضِ ذَهَبَا

هذا تقييدٌ للبيت السابق، اجْرُرْهُ مطلقاً، ولو أُضيف إلى غير التمييز؟ لا، وإنما يشترط فيه أن لا يُضاف إلى غير التمييز, فإن أُضيف حينئذٍ وجبَ نصبُ التمييز, هذا البيت تقييدٌ لسابقه؛ فمعنى اجرره إذا أضفتها أي: إلى التمييز؛ بخلاف (ما) إذا كانت مضافة إلى غيره, إذا كانت هي مضافة إلى غيره حينئذٍ تعيّنَ النصب.

مِلْءُ الاَرْضِ ذَهَبَا (ذَهَبَا) هذا تمييز؛ لا يصح أن يُضاف إلى ما قبله؛ لماذا؟ لأنَّ مِلْءُ الاَرْضِ مضاف ومضاف إليه, مِلْءُ .. مِلْءُ ماذا؟ مِلْءُ الاَرْضِ ذَهَبَا، (مِلْءُ الاَرْضِ) هذا مُحتمل؛ فيه إبهام, فإذا قلت (مِلْءُ الاَرْضِ ذَهَبَا) هل يُتصوّر فيه الإضافة لا يتصور, لماذا؟ لأنه هو في نفسه مضاف والعرب لا تركّب ثلاث كلمات.

وَالنَّصْبُ بَعْدَ مَا أُضِيفَ وَجَبَا وَالنَّصْبُ هذا مُبتدأ, بَعْدَ هذا مُتعلق بقوله النَّصْبُ لأنه مصدر، والمصدر يتعلَّق به الظرف.

بَعْدَ مَا أُضِيفَ ما هو الذي أُضيف؟ يعني من هذه المقدّرات الثلاث، لغير التمييز وَجَبَا الألف للإطلاق النصب وجبا, وجبا هذا خبر النصب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015