وَبَعْضُ مَا يُحْذَفُ بعض العامل يحذف, وجملة يحذف هذه صلة الموصول لا محلّ لها من الإعراب.
ذِكْرُهُ حُظِل، ذِكْرُهُ: مبتدأ ثان, وحُظِل: هذه خبر لأنه فعل وفاعل, والمبتدأ الثاني وخبره في محلّ رفع خبر المبتدأ الأول وهوبَعْضُ.
إذن: بَعْضُ: مبتدأ أول, وذِكْرُهُ: مبتدأ ثاني, وحُظِل: هذا فعل والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ الثاني, والجملة من المبتدأ الثاني وخبره في محلّ رفع خبر المبتدأ الأول, حُظِل أي: مُنِعَ, منها هذا السابق .. وَإِنْ تُؤَكِّدْ جُمْلَةً فَمُضْمَرُ عَامِلُهَا قلنا: يُحذف العامل وجوباً متى؟ إذا كانت الحال مؤكِّدة لمضمون الجملة, عاملها حينئذٍ يكون محذوفاً, زيدٌ أخوكَ عطوفاً, أُحقِّه عطوفاً، ونحوه من الحال المؤكِّدة لمضمونِ الجملة وقد تقدَّم, كذلك الحال النائبة منابَ الخبر (ضربي زيداً قائماً) , هذا سبقَ معنا في آخر باب المبتدأ.
وَقَبْلَ حَالٍ لاَ يَكُونُ خَبَرَا ... عَنِ الَّذِي خَبَرُهُ قَدْ أُضْمِرَا
كَضَرْبِيَ العَبْدَ مُسِيئاً وَأَتَمْ ... تَبْيِينِيَ الْحَقَّ مَنُوطَاً بِالحِكَمْ
هذا الذي أراده هنا، إذا كان قائماً, وقد سبقَ تقريرُ ذلك في باب المبتدأ والخبر.
إذن: ذكرَ موضعين مما يجبُ فيه حذف الحال, وبقيَ عليه موضعان: أن ينوبَ الحال عن عامل الحال, وذلك كقولك لمن شربَ: هنيئاً, هنيئاً: نابَ مناب عامل الحال, وإذا أُنيب مناب عامل الحال حينئذٍ امتنعَ ذكره.
هَنِيئَاً مَرِيئَاً غَيْرَ دَاءٍ مُخَامِرٍ ... لِعِزَّةَ مِن أَعرَاضِنَا مَا اسْتَحَلَّتِ
فـ هَنِيئاً هذا أُنيبَ مناب العامل، حينئذٍ وجبَ حذفه ولا يجوز ذكره ولا جمعه بينَ النائب والمناب عنه, يعني: كالعوض لا يُجمعَ بين العوض والمعوض عنه.
الثاني: أن تدلَّ الحال على توبيخ, أقائماً وقد قعَدَ الناس؟ هذا فيه توبيخ, أقائماً وقد قعدَ الناس؟ أتقوم قائماً؟ أو أتكون قائماً؟ أو نحو ذلك, حينئذٍ نقول: قائماً هذا عامله محذوف لأنه دلَّ على توبيخ.
ومما حُذِف فيه عامل الحال وجوباً قولهم: اشتريتُه بدرهمٍ فصاعداً, وهذه ما يُعنوَن لها بالحال التي يُبيّنُ بها ازدياد أو نقصان على جهة التدريج, اشتريتُه بدرهم فصاعداً, يعني: فذهبَ الثمنُ صاعداً, وكذلك تصدّقتُ بدينار فسافلاً, سافلاً هذا حال دلّت على تدرج لكن في النقص لا في العلو, وذهبَ المتصدُّق به سافلاً يعني في الدنو.
إذن: يجبُ حذف عامل المؤكِّد فيما إذا نابت الحال مناب الخبر, وكذلك الحالة الدالّة على زيادة أو نقص أو تدريج, وكذلك الحالة المؤكدة لمضمون الجملة, هذه خمسة مواضع مما يجبُ فيه حذفُ عامل الحال, وما عدا ذلك يكون جوازاً, وإذا نظرنا إلى العامل المعنوي حينئذٍ نقولُ: هذا النوع مما يجبُ ذكر العامل ولا يجوزُ حذفه, فالقسمة ثلاثية, ما يجب حذفُ العامل وهو خمسة أنواع: ما يجبُ ذكر العامل, وهو العامل المعنوي السابق: (كَتِلْكَ لَيْتَ وَكَأَنَّ).
ما يجوزُ فيه الوجهان وهو ما عدا ذلك, والضابطُ فيه أن تدلَّ قرينة على المحذوف حينئذٍ نقول هذا مما جاز حذفُه.