* حالات حذف عامل الحال , وبعض المسائل المتعلقة بالباب
* شرح الترجمة (التمييز) وحده
* حكم التمييز وأنواعه والعامل في كل نوع
* حكم تمييز أفعل التفضيل
* التعجب يقتضي تمييزاُ
* متى يجوز جر التمييز بـ (من)؟
* حالات التمييز مع عاملة من حيث التقديم والتأخير
* فائدة: ما يتفق عليه الحال مع التمييز وما نفترقافيه.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
قال الناظم رحمه الله تعالى:
وَالْحَالُ قَدْ يُحْذَفُ مَا فِيهَا عَمِلْ ... وَبَعْضُ مَا يُحْذَفُ ذِكْرُهُ حُظِلْ
هذا يتعلَّق بالعامل وحذفه، والأصل فيه جوازُ الحذف، وقد يجبُ حذفُه، وقد يجبُ ذكرُه, حينئذٍ له ثلاثة أحوال: منها ما يجبُ ذكره ولا يجوزُ حذفه, ومنها ما يجبُ حذفه ولا يجوز ذِكره، والأصل فيه جواز الحذف والذكر.
وَالْحَالُ: هذا مبتدأ.
قَدْ يُحْذَفُ (قَدْ) للتحقيق, ليس للتقليل؛ لأن الحذف كثير, فالمراد هنا تحقيق القول بحذف عامل الحال.
وَالْحَالُ قَدْ يُحْذَفُ: (قَدْ يُحْذَفُ) هذه الجملة خبر.
يُحْذَفُ مَا فِيهَا عَمِلْ: ما عمِلَ فيها, يعني العامل فيها, (ما) الموصولة صلتها في قوة المشتقّ عند البيانيين, يُحذف عاملها, فعامل نأخذه من (ما) الموصولة مع صلتها, مَا فِيهَا عَمِلْ يعني: ما عمِلَ فيها, فـ (مَا) هذه مفعول واقع على العامل في الحال, يُحذف ما عمِلَ فيها, فِيهَا هذا مُتعلّق بعمل والضمير عائد على (ما).
وَالْحَالُ قَدْ يُحْذَفُ مَا فِيهَا عَمِلْ يعني: يحذف عاملها, وهذا على جهتين؛ إما على جهةِ الجواز, وإما على جهة الوجوب, مَا فِيهَا عَمِلَ: هل كلّ عاملٍ يجوز حذفه؟ الجواب: لا.
وَعَامِلٌ ضُمِّنَ مَعْنَى الْفِعْلِ لاَ ... حُرُوفَهُ مُؤَخَّراً لَنْ يَعْمَلاَ
قلنا: العاملُ في الحال قد يكون فعلاً بنوعيه المتصرف والجامد, والصفة المتصرّفة كذلك ما أُلحقَ بها وهو اسم التفضيل في الحالة التي استثنيت، ما عدا ذلك هذا يجوزُ حذفُه وذكرُه بالشروط الآتية, وأما العامل المعنوي فلا يجوزُ حذفُه البتة, فيُستثنى من قوله: وَالْحَالُ قَدْ يُحْذَفُ مَا فِيهَا عَمِلْ, يُستثنى العامل المعنوي؛ فيجب ذكرُه ولا يجوزُ حذفه؛ سواء علم أم لا؛ لماذا؟ لما ذكرناه أنه ضعيف .. عامل ضعيف وهو ملفوظ به, فحينئذٍ نقولُ وهو ملفوظ به ضعيف, فكيف يعملُ وهو محذوف؟ هذا من بابٍ أولى وأحرى, فلا يقوى على العمل وهو محذوف.
قلنا: يُحذَف عامل الحال جوازاً، ومثاله أن يقال: كيف جئتَ؟ تقول: راكباً, هنا حُذِف عامل الحال وصاحبها, لم يحذف عامل الحال فحسب، وإنما حُذِف عامل الحال مع صاحبها, تقديره: جئتُ راكباً, حُذف (جئتُ) لأنه صارَ تبعاً للعامل, وكقولك: (بلى مسرعاً) لمن قال لك: لم تسر! تقول له: بلى, يعني: سِرتُ مسرعاً, ومنه قوله تعالى: ((أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ)) [القيامة:3] ((بَلَى قَادِرِينَ)) [القيامة:4] قَادِرِينَ هذا حال, يعني: بلى نجمعها قادرين.
هذا الأصل في عامل الحال أنه يجوزُ حذفه إذا دلَّت عليه قرينة, وهذه قاعدة عامة
وهي داخلة في كلامه السابق: وَحَذْفُ مَا يُعْلَمُ جَائِزٌ، هذه قاعدة عامة تشمل هذا الباب.
وأما ما حُذف وجوباً، وهو الذي أشارَ إليه بقوله: وَبَعْضُ مَا يُحْذَفُ ذِكْرُهُ حُظِل.
يعني: مُنِعَ ذكره, ذكره مُنِعَ، يعني لا يجوز ذكره، بل يجب حذفه حذفاً مؤبّداً.
وَبَعْضُ هذا مبتدأ, وهو مضاف و (ما) اسم موصول بمعنى الذي يقعُ على العامل, يعني: وبعض العامل يحذف.