الثالث: أن تكون مُرتبطة؛ يعني لا بدّ من رابط كالجملة الخبرية والنعتية, الحكم واحد, الجملة في النعت لا تقعُ نعتاً إلا برابط, والجملة في الخبر لا تقع خبراً إلا برابط, وهنا الرابط إما أن يكون الواو والضمير معاً, بالواو والضمير معاً, فالواو واو الحال, واو الابتداء والضمير، ومرجعُ الضمير يكون عائداً على صاحب الحال ((خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ)) [البقرة:243] خرجوا وهم ألوف, الواو واو الحال, هم ألوف: مبتدأ وخبر, الضمير الذي وقعَ عُمدة وهو المبتدأ، هذا رابط أيضاً يعود على صاحب الحال, خرجوا الواو, وهم ألوف: الجملة حالية وهي جملة اسمية خبرية، والرابط بين صاحب الحال هو الواو في خرجوا وبين الحال في الجملة نفسِها -اثنان: الواو نفسها واو الحال وهي رابط, وكذلك الضمير الذي هو المبتدأ.

إذن: أن تكون مُرتبطة إما بالواو والضمير معاً, يجتمعان معاً في جملة واحدة, أو بالضمير فقط, نحو: ((اهْبِطُوا ... بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ)) أي: مُتعادين, اهبطوا: الواو صاحب الحال, بعضكم: الكاف هي مردّها الواو بالمعنى، حينئذٍ نقول: الرابط هنا في " بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ " هذه جملة إسمية الرابط فيها الكاف بَعْضُكُمْ .. الضمير فقط, لم تأتِ الواو هنا, حينئذٍ نقول: اكتُفيَ بالضمير عن الواو، لأن الواو رابط مُستقلّ، والضمير رابط مُستقل, فإذا وُجدت الواو اكتفينا بها عن الضمير، والعكس بالعكس, وإذا اجتمعا حينئذٍ نقول اجتمع فيه رابطان. أو بالواو فقط دون الضمير ((لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ)) [يوسف:14] "نَحْنُ عُصْبَةٌ" مبتدأ وخبر، والجملة في محل نصب حال, أين الرابط؟ الواو فحسب.

إذن: يُشترَط في هذه الجملة التي يصحّ إيقاعُها حالاً ثلاثةُ شروط, وهي: أن تكونَ خبرية, أن تكون غير مُصدَّرة بدليل استقبال؛ أي حرف يدلَّ على الاستقبال؛ (أن) المصدرية أو (لن) أو (سوف) أو (السين) نقول هذه كلها ممنوع.

ولذلك امتنعَ ((فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ)) [الزخرف:27] , " سَيَهْدِينِ" بعضهم أعربها حال, نقول هذا ممتنع؛ لماذا؟ لكونها مُصدّرة بـ (السين). زاد بعضهم أن لا تكون جملة الحال تعجبية, جاء زيد أكرم به؛ لا يصح, لأن ثَم نزاعا؛ هل التعجبية خبرية أم إنشائية؟ إن كانت إنشائية فالحمد لله, نحن نقول: نشترط فيها الخبرية, إن كانت خبرية حينئذٍ لا بُدّ من استثنائها, فنقول خبرية بشرط أن لا تكون تعجبية.

قال: وَمَوْضِعَ الْحَالِ تَجِيءُ جُمْلَهْ كَجَاءَ زَيْدٌ كقولك: جَاءَ زَيْدٌ, الكاف داخلة على مقول محذوف, كقولك: جاء زيد, جَاءَ: فعل ماضي مبني على الفتح؛ لا محل من الإعراب, ما معنى لا محل له من الإعراب؟

ليسَ فاعلاً ولا مبتدأً ولا مفعولاً إلى آخره, جميع المحالِّ ننفيها عن الفعل الماضي, زَيْدٌ: فاعل مرفوع بـ جَاءَ، ورفعه الضمة الظاهرة على آخره، وَهْوَ بإسكان الهاء لغة, الواو واو الحال, تُسمّى واو الابتداء؛ لأنها أكثر ما تدخلُ على المبتدأ.

وَهْوَ نَاوٍ رِحْلَهْ, وَهْوَ: مبتدأ, نَاوٍ: خبر, نَاوٍ مكسور؛ كيف يكون خبراً؟

وَرَفَعُوا مُبْتَدَأً بالاِبْتِدَا ... كَذَاكَ رَفْعُ خَبَرٍ بِالْمُبْتَدَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015