إذن سواءً وقعَ أفعل التفضيل بين اسمين مُفضّلين أو مُفضّل أحدهما على الآخر، وكان الشخص واحداً مُتحدي المعنى أو كان مُختلفي المعنى. مُفضلٌ أحدهما في حالةٍ على الآخر في أخرى، كلٌّ منهما فضل على الآخر في حالةٍ ليست هي الحال الأولى، فهذا جائِزٌ، أن تتقدّمَ الحال على اسمِ التفضيل على أن اسمَ التفضيل عاملٌ في الحالين معاً المتقدمة والمتأخرة، فيكون ذلك مُستثنى مما تقدّمَ من أنه لا يعملُ في الحال المتقدمة عليه اسم التفضيل، هذا استثناءٌ مما سبقَ، وإنما جازَ ذلك هنا لأن أفعل التفضيل وإن انحطَّ درجةً عن اسم الفاعل والصفة المشبهة بعدمِ قبوله علامات الفرعية، فله مَزيّة على العامل الجامد، نعم لا شك، يعني: إذا قيل بأن أفعل التفضيل أحطُّ درجة من اسم الفاعل لكونه لم يقبل علامة الفرعية مطلقاً إلا إنه أعلى درجة من الجامد لأن فيه معنى وحروف الفعل المتصرِّف. إذن هو أدنى من اسم الفاعل وأعلى درجةً من الجامد. إذن لا يُسوّى بينهما، فله مزيّة على العامل الجامد؛ لأن فيه ما في الجامد من معنى الفعل، ويفوقُهُ بتضمّنِ حروف الفعل ووزنه، فجُعِلَ مُوافِقاً للعامل الجامد في امتناع تقديم الحال عليه إذا لم يُتوسّط بين حالين، نحو: هو أكفؤهم ناصِراً، هنا لا يجوزُ أن يتقدّمَ، عُومِل معاملة الجامد مع كونه فيه معنى الفعل وحروفه، ولكونه لم يقبل علامة الفرعية مُطلَقاً عُومِل معاملة الجامد، وجُعِل موافقاً لاسم الفاعل في جواز التقديم عليه إذا توسّطَ بين حالين.

إذن ما سُمِع في لسان العرب هو المحَكَّم هنا، وهو ما جاء في أفعل التفضيل بين حالين بالاعتبار الذي ذكرناه. ثم استُثني هذا إما أن يُعلّل وإما أن يُجعَل على قياس، ولا بأس أن يُعلَل بأنه أُعطي حكمَ الجامد في ما إذا نصبَ حالاً واحداً، وأما إذا نصبَ حالين بالقيد المذكور يعني: التفضيل باعتبارين حينئذٍ أُعطي حكم اسم الفاعل.

وَنَحْوُ زَيْدٌ مُفْرَداً أَنْفَعُ مِنْ، أنفع قلنا: فيه ضمير عائدٌ على زيد، وأنفعُ قلنا: هنا في هذا المثال خبر، ومفرداً: هذا حال من الضمير في أنفع، مِنْ عَمْروٍ: هذا متعلق بأنفع، مُعَاناً: حال من عمرو، وإنما كان أنفعُ عاملاً في الحالين؛ لأن صاحبَ الحال وهو الضمير المستتر والمجرور بمن معمولان له، والعاملُ في الحال هو العامل في صاحبها. مُسْتَجَازٌ هذا خبر المبتدأ نحو، السين والتاء زائدتان أو للنسبة، أي منسوب إلى الجواز، ومَعدود من الجائز. ثم إن ما جازَ بعدَ الامتناع يجبُ هكذا قال الصبان، ما جاز بعد الامتناع لأنه مُنع أولاً: أَوْ صِفَةٍ أَشْبَهَتِ الْمُصَرَّفَا، مفهومه أنه لا يعمل، ثم جوَّزنا له حالة واحدة، حينئذٍ يجبُ، ولكن الناظم قال: مُسْتَجَازٌ، فلا يُعترَض عليه بأن اللائق التعبير بالوجوب بدل الاستجازة، لكن هذا فيه نظر. لَنْ يَهِنْ يعني: لن يضعُف، وهو خبر بعد خبر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015