إذن هذا أول قسمٍ، وهو وجوب تقديم الحال على العامل، وذلك فيما إذا كان الحال لها صدرُ الكلام، ومثّلَ له بهذا المثال فقط: كيف جاء زيد؟ وأما ما أشارَ إليه هنا الناظم: وَالْحَالُ إِنْ يُنْصَبْ .. إلخ، فالمرادُ به جوازُ الوجهين التقديم والتأخير، لكنه ليسَ على إطلاقه بل مُقيّد بضوابط. وَالْحَالُ إنْ يُنْصَبْ هو لا بد من نصبه، لا يكون إلا منصوباً، لكن أرادَ بهذا أن يمهِّد للفعل للعامل، إِنْ يُنْصَبْ بِفِعْلٍ صُرِّفَا الألف للإطلاق، أَوْ صِفَةٍ أَشْبَهَتِ الْمُصَرَّفَا الألف للإطلاق، فَجَائِزٌ تَقْدِيْمُه يعني: تقديمه جائز, جَائِزٌ هذا خبر مقدّم، وتَقْدِيْمُه مُبتدأ مؤخّر. وعلى مذهب الكوفيين جَائِزٌ مبتدأ، وتَقْدِيْمُه فاعل سدَّ مسدَ الخبر. " فَائِزٌ أُولُو الرَّشَدْ" هذا مثله، لكن نقول بالتقديم والتأخير؛ لأنه لم يعتمد على نفيٍ أو استفهام.

إِنْ يُنْصَبْ بِفِعْلٍ صُرِّفَا أَوْ صِفَةٍ أَشْبَهَتِ الْمُصَرَّفَا، التصريف في الفعل .. إذا كان الفعل متصرفاً هو ما استُعمِلَ منه الماضي والمضارع والأمر، يُقال فيه: فعل مُتصرِّف، الفعل من حيث التصرّف وعدمه ينقسم إلى قسمين: فعل جامد وهو ما لزِمَ لفظَ الماضي يعني: لم يأتِ منه مضارع ولا أمر كنعم وبئسَ وليسَ وعسى، نقول: هذه التزمتْ حالة واحدة وهي كونها ماضي، ولم يُسمَع لها مضارع ولا أمر، نصفُ هذا بكونه جامداً، كذلك أفعل التعجب، وأفعِلْ به، ما أحسن زيداً، هذه غير متصرفة جامدة، والمتصرّف هو ما سُمِع منه المضارع أو الأمر ثم سائر المشتقات، وهذا النوع على نوعين: إما أن يكون مُتصرّفاً تاماً، وإما إن يكون مُتصرّفاً ناقصاً. المتصرّفُ التام في المشهور عندهم ما جاء منه المضارع والأمر، الأفعال الثلاثة، ويُقال فيه: مُتصرّف تام، ثم يُزاد عليه أن يُؤتى منه باسم الفاعل واسم المفعول أفعل التفضيل، الصفة المشبهة .. صيغة المبالغة، كلما زاد من هذه قلنا: هذا زيادة في التصرف، وإذا كان استُعمِل منه الأمر فقط مع الماضي أو المضارع مع الماضي ولم يُستعمَل منه أمرٌ حينئذٍ نقول: هذا مُتصرِّف، لكنه ناقصُ التصرف.

هنا قال: إِنْ يُنْصَبْ بِفِعْلٍ صُرِّفَا أطلقَ التصريف فيشمل المتصرف تصرفاً تاماً والمتصرف تصرُّفاً ناقصاً. إذن يكون احترزَ به عن الجامد، فالجامدُ لا يجوزُ أن تتقدّمَ الحال على العامل، إذا عمِلَ الفعل الجامد في حال حينئذٍ التزمت التأخير، فلا يجوزُ أن تتقدّم؛ لأنه علق الحكم هنا بالفعل المتصرف ولو تصرّفاً ناقصاً. أَوْ هذا للتنويع، صِفَةٍ معطوف على فعل، بِفِعْلٍ هذا جار ومجرور متعلق بقوله: يُنْصَبْ، وصُرِّفَا هذه الجملة صُرِّفَا مغير الصيغة، والضمير نائب الفاعل مستتر، والجملة في محلّ جرّ صفة لفعل، بِفِعْلٍ مُتصرّفٍ نؤولها بالمفرد، أَوْصِفَةٍ معطوف على فِعْلٍ، يعني: أو بصفة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015