* حالات الحال مع عامله من حيث التقديم والتأخير , وأنواع عامله
* تعدد الحال وصاحبها.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد, وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
قال الناظم رحمه الله تعالى:
وَالْحَالُ إِنْ يُنْصَبْ بِفِعْلٍ صُرِّفَا ... أَوْ صِفَةٍ أَشْبَهَتِ الْمُصَرَّفَا
فَجَائِزٌ تَقْدِيْمُهُ كَمُسْرِعَا ... ذَا رَاحِلٌ وَمُخْلِصًا زَيْدٌ دَعَا
هذان البيتان أراد الناظم رحمه الله تعالى أن يبين علاقة الحال مع عامل الحال، سبق قوله:
وَسَبْقَ حَالٍ مَا بِحَرْفٍ جُرَّ قَدْ ... أَبَوْا وَلاَ أَمْنَعُهُ فَقَدْ وَرَدْ
ذلك البيت تضمّنَ بيان الحال مع صاحب الحال، ولا يجوزُ إذا كان صاحب الحال مرفوعاً أو منصوباً أن تتقدّم الحال على الصاحب دون العامل، نقول: جاء ضاحكاً زيدٌ، هنا تقدمت الحال على صاحبها وهو مرفوع، وهو جائزٌ باتفاق، فتقول: رأيتُ ضاحكاً زيداً، تقدّمت الحال على صاحبها وهو منصوب، وهو جائز باتفاق, بقيَ حالان، وهما ما إذا كانت الحال مخفوضةً إما بحرف جرّ وإما بإضافة، وما كان مخفوضاً بإضافة إما أن يكون مخفوضاً بإضافةً، وهي التي تُسمى المحضة المعنوية، وإما أن تكون الإضافة لفظية، المعنوية محلّ إجماع أنه لا يجوزُ أن يتقدم الحال على المضاف، ولا أن يتوسّط بين المضاف والمضاف إليه، وأما إذا كانت لفظية ففيها نزاع؛ لأنها على نيّة الانفصال، فالمضاف إليه في نيّة أنه مفعولٌ به، هذا الأصل. وأمّا المجرور بحرف جرّ فهذا قلنا: فيه نزاع، الأكثرُ على المنع، وذهب ابنُ مالك إلى الجواز، وهو الظاهر أنه يجوز، حينئذٍ على رأي الجمهور لا يصحّ أن يُقال: مررتُ ضاحكاً بزيدٍ، مررت بزيدٍ ضاحكاً هذا واجب التأخير، وأما مررتُ ضاحكاً بزيد فهذا ممنوع عند الجمهور، وجائز عند الإمام ابن مالك رحمه الله تعالى وغيره، حينئذٍ نقول: هذا النوع فيه نزاع. وأما صاحب الحال إذا كان مرفوعاً أو منصوباً فهما جائزان باتفاق، هنا الكلام في الحال مع العامل؛ هل يجوزُ أن تتقدّمَ الحال على العامل أو لا؟ هذه الحال مع عاملها على ثلاثة أقسام: واجب التقديم عليه وواجب التأخير عنه وجائزهما، جائزٌ أن يتقدّمَ وجائز أن يتأخّرَ، وهذا هو الأصل؛ لأن الأصل في هذه المسائل هو جواز التقديم والتأخير، لأن الشأن هنا كشأن الخبر مع المبتدأ، وهناك الأصل في الخبر أن يتقدَّمَ على المبتدأ إلا لمانع، حينئذٍ يُلتزَم إما التقديم وإما التأخير، وإلا الأصل هو الجواز.
وهنا أُلحِق الحال بالخبر من حيث التقديم والتأخير، يجبُ تقديمُ الحال فيما إذا كان لها صدرُ الكلام، كيف جاء زيد؟ نقول: هذا واجب ولم يتعرّض له الناظم، إنما ذكرَ التقديم والتأخير، وتركَ القسم الثالث وهو وجوبُ تقديمه، وذلك فيما إذا كان له صدرُ الكلام ككيف، إذا جاءت حالاً، حينئذٍ وجبَ أن تتقدّم، جاء زيد كيف! هذا الأصل، جاء فعل، وزيد فاعل، وكيف حال من الفاعل، لكن لما كانت (كيفَ) لها صدر الكلام وجب تقديمها على عاملها.