مَالَكَ مِن شَيخِكَ، قيل المراد به الجَمَل، أكثرهم على أنه الجَمَل، إِلاَّ عَمَلُهُ إلاَّ رَسِيمُهُ هذا بدل من عَمَلُهُ، وَإِلاَّ رَمَلُهْ جاءت (الواو) قبل (إلا)، حينئذٍ نقول هذا (إلا) حرف توكيد وهي مُلغاة، يعني لم تُفِد إلا التوكيد فحسب، لم تُفِد شيئاً من جهة الاستثناء –المعنى- ومن جهة العمل، والأصلُ إلا عملُه رسيمه ورملُه، فرسيمُه: بدل من عمله ورمله: معطوف على رسيمه، (إلا): كُرِّرت إلا للتوكيد.
وَإِنْ تُكَرَّرْ: إذن تُكرَّر إلا للتوكيد، وعرفنا ضابطها، وَإِنْ تُكَرَّرْ لاَ لِتَوكِيدٍ .. ما الذي يقابل التوكيد؟ التأسيس، التأسيس معناهُ هنا أنها جاءت للمعنى الذي وُضِعت له في هذا الباب، وهو الاستثناء، إذا جِيءَ بها من أجل الإخراج، حينئذٍ جِيء بها في المعنى الذي وضعت له، حينئذٍ تقتضي ماذا؟ العمل أو لا؟ لا بدّ من العمل، إذن لا بد أن نُبقيها على أصلها.
وَإِنْ تُكَرَّرْ (لاَ) لتأسيس لا لتوكيدٍ، وَإِنْ تُكَرَّرْ لاَ لِتَوكِيدٍ، (لا) هنا حرف عطف، أين المعطوف عليه؟
محذوف، وَإِنْ تُكَرَّرْ إلا لتأسيس لا لتوكيد، إذن القسمة ثنائية، فقوله: (لا) عطف على محذوف، أي لتأسيس لا لتوكيدٍ، حينئذٍ إما أن يكونَ الاستثناء مُفرَّغ أو لا.
........... فَمَعْ ... تَفْرِيغٍ التَّأْثِيرَ بِالْعَامِلِ دَعْ
فِي وَاحِدٍ مِمَّا بِإِلاَّ اسْتُثْنِي ... وَلَيْسَ عَنْ نَصْبِ سِوَاهُ مُغْنيِ
الحاصل أنه إذا كان الاستثناء مُفرّغ مثل "ما قام إلا زيدٌ إلا عمراً إلا بكراً إلا خالداً"، قال: فمع تفريغٍ دع التأثير بالعامل في واحدٍ مما استُثني بـ (إلا)، العامل يطلبُ ماذا؟
قلنا: يطلبُ ما بعد إلا إن كان طالباً للفاعل رفعه، وإن كان طالباً لمفعول به نصبَه، وإن كان طالباً لمجرور جرَّه، وهذا يطلبُ واحداً فقط، فحينئذٍ إذا تكرَّرَ الاستثناء وكُرِّرت (إلا) للتأسيس أعطينا العامل حقّه، ثم نصبنا الباقي على الأصل، فنقولُ "ما قام إلا زيدٌ"، بالرفع، إلا بكراً، إلا خالداً، إلى ما شئتَ، فننصِبُ الثاني والثالث، ونرفعُ الأول، وهل الرفعُ خاصٌّ بالأول أم إن الحكم مطلق؟
قال: فِي وَاحِدٍ، ما حدّدَهُ هل هو الأول أم الثاني أم الثالث، أنت مُخيَّر والأول أولى، ما قام إلا زيدٌ، إلا عمراً، إلا بكرًا، ما قام إلا زيدًا، إلا عمرٌو، إلا بكراً، ما قام إلا زيدًا، إلا عمرًا، إلا بكرٌ، أنت مُخيَّر.
دعِ التأثيرَ للعامل في واحد والباقي تنصبُهُ على الأصل؛ لأن (إلا) ناصبه، فَمَعْ تَفْرِيغٍ التَّأْثِيرَ بِالْعَامِلِ دَعْ، فَمَعْ (الفاء) هذه واقعة في جواب الشرط وَإِنْ تُكَرَّرْ، فَمَعْ تَفْرِيغٍ (مَعْ) هذا ظرف وهو مضاف وتَفْرِيغٍ مضاف إليه، مُتعلِّق بقوله دَعْ يعني اترك، فَمَعْ تَفْرِيغٍ .. وَإِنْ تُكَرَّرْ لاَ لِتَوكِيدٍ فدعِ التأثيرَ بالعامل في واحدٍ مما استُثني بـ (إلا)؛ لأن المستثني بـ (إلا) عندك ثلاث مثلاً حينئذٍ تتركُ العمل .. عمل العامل لواحد منها، والباقي: