وَأَلْغِ (إِلاَّ): إلغاؤُها أن لا تنصب، وَأَلْغِ (إِلاَّ): إِلاَّ قُصِد لفظه، أَلْغِ هذا فعل أمر والفاعل ضمير مُستتر وجوباً تقديره أنت، و (إِلاَّ) قُصِد لفظه وهو مفعول به، أَلْغِ إِلاَّ يعني إلغاءها أن لا تنصب، وَأَلْغِ (إِلاَّ) ذَاتَ: بالنصب، دلَّ على أن (إلا) مفعول به منصوب، ونصبُهُ فتحة مُقدرة على أخره.

ذَاتَ تَوْكِيدٍ، احترازاً من التأسيسية وهذا سيأتي ذكرها، ذات توكيد أي صاحبة توكيد حال من المفعول به وهو (إلا)، وهي التي يصح طرحُها والاستغناءُ عنها يعني لا تُؤثِّر في المعنى إذا حُذفت، جاء القومُ إلا زيداً إلا أخاك، هو زيد نفسه، لو قيل: جاء القوم إلا زيداً إلا أخاك، إلا زيداً أخاك، نقول وجود (إلا) وعدمها سواء من حيث الاستثناء. إذن: ذَاتَ تَوْكِيدٍ المراد به (إلا) المؤكِّدة هي التي يصحُّ طرحها والاستغناء عنها.

وضابطُ هذا الباب أن يقال: إذا تلَتْ عاطِفاً بالواو خاصة، إذا تلتْ عاطِفاً إذا جاءت بعد حرف عطف، أو جاء ما بعدَها بدلاً، تلاها اسم مماثِل لما قبلها حينئذٍ يُعرَب بدلاً بأنواعه الأربعة، إذن: متى نحكم على (إلا) بأنها مؤكِّدة؟

نقول: في بابين اثنين، أولاً: التكرار يكون للتوكيد يأتي في العطف (بالواو) خاصة، تقول: قامَ القومُ إلا زيداً وإلا عمراً، (و) وإلا، جاءت (إلا) بعد (الواو)، حينئذٍ نقول: جاء القوم إلا زيداً، (إلا) هذا مُؤسِّسة، جيء بها للاستثناء، إلا زيداً، (و) حرف عطف، (إلا) مُلغاة، وزيداً معطوف على ما قبلَه، المعطوف على المنصوب منصوب، إذن بعد (الواو) خاصّة فإن أَطلقَ بعضُهم العطف فالمراد به (الواو) على جهة الخصوص.

والثاني يأتي في البدل بأنواعه الأربعة؛ بدل كل من كل، بدل بعض من كل، بدل اشتمال وبدل غلط.

حينئذٍ نقول: إذا جاء الاسم بعد (إلا) إما أن يكون مُماثِلاً لما قبل (إلا) كالمثال الذي ذكره الناظم:

.......... كَلاَ ... تَمْرُرْ بِهِمْ إِلاَّ اَلْفَتَى إِلاَّ اَلْعَلاَ

لاَ تَمْرُرْ بِهِمْ: الاستثناء هنا تام منفي، لاَ تَمْرُرْ: شبهُ نهي، (إِلاَّ) هذه أداة استثناء مُؤسِّسة على بابها على أصلها، اَلْفَتَى هذا مستثنى من الضمير (الهاء)، ما حكمه؟ يجوزُ فيه الوجهان والإتباع أرجحُ، الإتباع هنا يكون بالجر، بِهِمْ إِلاَّ اَلْفَتَى، إذن الكسرة مُقدّرة تكون، إِلاَّ اَلْعَلاَ، العلا وصفٌ له، إلا الفتى العلا، فنقول العلا هذا هو نفسه ما قبل (إلا)، اسم مماثل له، نفسه، لكن وصف له، حينئذٍ نقولُ: اَلْعَلاَ هذا يُعتبَر بدل كل من كل، و (إِلاَّ) ملغاة؛ لأنها جيء بها مُؤكِّدة فحسب، ليس لها معنى تأسيسي بمعنى استثناء بعد استثناء، وإنما المراد به - (إلا) - المراد به التأكيد فحسب.

مثال بدل الكل من الكل: لاَ تَمْرُرْ بِهِمْ إِلاَّ اَلْفَتَى إِلاَّ اَلْعَلاَ.

والأصلُ لا تَمرُر بهم إلا الفتى العلا، بحذف (إلا)، فالعلا بدلٌ من الفتى وكُرِّرت (إلا) توكيداً، ومثال بدل البعض من الكل: ما أعجبني أحدٌ إلا زيدٌ إلا وجهه، إلا زيدٌ وجهُه بدل بعض من كل؛ لأن الوجهَ بعض من زيد، ما أعجبني أحدٌ إلا زيدٌ إلا وجهُهُ، إلا زيدٌ هذا على الإتباع وهو أرجح، إلا وجهُهُ نقول: هذا بدل بعض من كل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015