وقولنا (داخلاً) -لما كان داخلاً- نقول: حقيقةً أو مقدراً ليشمل الاستثناء المُفَرَّغ، أو مُنَزَّلاً مُنَزَّلة الداخل ويعنون به: المنقطع، لأن الاستثناء ينقسم إلى قسمين: استثناءٌ متصل، وهو ما كان بعد (إلا) من جنس أو إن شئت قل: بعض المستثنى منه، وإن لم يكن كذلك فهو منقطع، ما كان منقطعاً هذا مختلفٌ فيه عند أهل العلم، وهناك مبحث عند الأصوليين هل هو مما جاء به لسان العرب أو لا؟ المذهب عند الحنابلة المشهور أنه ليس بحقيقة، وإنما هو مجاز، ولذلك يُقدر (إلا) - وإن كان هذا عند جمهور البصريين - يُقدر بـ (لكن) فحينئذٍ صار الكلام منفصلاً عما قبله، قام القوم إلا حماراً، لكن حماراً قام، هذا الأصل، والمذهب عندنا -عند الحنابلة- لا يعتبر من الاستثناء، وإنما يكون مجازاً، إذاً: الإخراج بـ (إلا) أو إحدى أخواتها لما كان داخلاً أو مُنَزَّلاً مُنَزَّلة الداخل.

لمَّا أُورد اعتراض عليهم بهذا الحد، لأن فيه إشكال، إذا قيل: إخراج لما كان داخلاً .. داخلاً في ماذا؟ في المستثنى منه، إذا قلنا بهذا أنه دخل ثم أخرج حصل تناقض، وهو كيف نثبت له حكماً ثم ننفيه في وقتٍ واحد، قام القوم ومنهم زيد، أثبتنا له القيام، ثم قلت: إلا زيداً، نفيت عنه القيام، هذا تناقض.

قالوا: ويلزم منه بهذا الاعتبار الكفر ثم الإيمان، هذا إن صح، لقولنا: لا إله إلا الله، إذ لو دخل لفظ الجلالة في: لا إله، نفيت عنه الأولوهية، إله: هذا اسم جنس، يصدق على الإله بحق، وعلى الإله بباطل، إذا قيل: لا إله وشمل ما بعد (إلا) إذاً نفيت عنه الألوهية، وهذا كفر .. ردة، ثم قلت: إلا الله، أثبت له الألوهية، إذاً: أنت نافٍ ومثبت، يعني: جمع بين الكفر والإيمان، نقول: هذا لا يصح، إذاً: هذا محل إشكال، كيف يُفسر الاستثناء بالإخراج؟ ثم قد نقع في تناقض في مثل: قام القوم إلا زيداً، نثبت القيام لزيد وهو فردٌ من أفراد القوم، ثم بعد ذلك نخرجه، ونقول: إلا زيداً ونثبت له نقيض حكم ما قبل إلا، وكذلك في قوله -وهذا واضح بَيِّن- في كلمة التوحيد: لا إله إلا الله، إذا قلنا: الله وهو ما بعد إلا داخلٌ في المستثنى منه وهو إله، إذاً نفينا عنه الألوهية، هناك زيد وقوم نفيت أثبت الأمر سهل، لكن هنا: لا إله، إذا قلنا بدخول لفظ الجلالة -الله عز وجل- في المنفي، حينئذٍ لزم منه نفي الأولوهية عن الله عز وجل، وهذا باطل، فكيف نقول: دخل ثم أخرج؟ هذا محل إشكال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015