وَشَرْطُ كَوْنِ ذَا مَقِيسَاً، هذا قلنا: خبر، أَنْ يَقَعْ ظَرْفاً هذا حال من فاعل يقع، لِمَا متعلق بِهِ، يعني لفعل، لِمَا اسم موصول بمعنى الذي يصدق على فعل، لِمَا لفعلٍ اجْتَمَعْ معه في أصله، ما المراد بالأصل؟ فِي أَصْلِهِ المراد به الحروف الأصلية، التي تكون قدراً مشتركاً بين المصدر والفعل، وسبق معنا أن الفعل يدل على المصدر بمادته، يعني: بحروفه، الفعل يدل على الفعل بمادته يعني بحروفه، إذا قلت: قام مشتق من القيام هكذا من رأسك أم بدليل؟ الأول أم الثاني؟ الثاني لا شك بدليل، ما الدليل؟ نقول: اجتماعه معه مع المصدر القيام؛ لأن القيام هذا محفوظ في لسان العرب، القيام والصوم والأكل والمشي والنوم والشرب، هذه محفوظة مصادر، حينئذٍ كون شرب مشتقاً من الشرب نقول: هذا دل عليه المادة وهي الحروف، هنا قال: ظَرْفاً لِمَا اجْتَمَعْ، هذه صلة ما، لِمَا اجْتَمَعْ مَعَهْ هذا متعلق بـ اجتمع، فِي أَصْلِهِ يعني في الحروف الأصلية، أي لما اجتمع معه في أصل مادته، هذا التركيب، لما يعني الذي، اجتمع معه في أصل مادته، أي: وشرط كون نصب ما اشتق من المصدر مقيساً أن يقع ظرفاً لما اجتمع معه في أصله، أي: أن ينتصب بما يجامعه في الاشتقاق من أصل واحد، كمجامعة جلست بمجلس في الاشتقاق من الجلوس، وأصلهما واحد وهو الجلوس.
قال ابن عقيل: وظاهر كلام المصنف أن المقادير وما صيغ من الفعل مبهمان، نحو الجهات متفق عليه، لذلك قال: نَحْوُ الجِهَاتِِ وَالمَقَادِيرِ وَمَا صِيغَ، الجهات لا إشكال فيها، وأما المقادير وما صيغ من الفعل قال: ظاهر كلام الناظم أنه مبهمان، أما المقادير فمذهب الجمهور أنها من الظروف المبهمة، وافق الجمهور؛ لأنها وإن كانت معلومة المقدار فهي مجهولة الصفة.
إذاً لم يلتفتوا إلى كونها معلومة المقدار، وإنما نظروا إلى كونها مجهولة الصفات، حينئذٍ جعلوها مبهمة حقيقة، ورأي أبي حيان هناك وجيه، أن تجعل مبهمة حكماً، بمعنى أنه لا يتجاهل كونها مختصة من حيث المقدار، لأنها معلومة، الميل معلوم والفرسخ معلوم والبريد معلوم ولها أول ولها آخر، وهذا حقيقة المختص، فحينئذٍ نقول: كونها مجهولة الصفة لا يخرجها عن كونها مختصة، وكونها مختصة لا يجعلها مختصة مع جهلنا بالصفة، فنعطيها حكماً وسطاً وهي كونها مبهمة حكماً، وذهب أبو علي الشلوبين إلى أنها ليست من الظروف المبهمة؛ لأنها معلومة المقدار كما سبق أنه هو المذهب الثاني.
وأما ما صيغ من المصدر فهذا قد يكون مبهماً وقد يكون مختصاً، إذا أضفته حصل له اختصاص جلست مجلس زيدٍ، هذا واضح أنه مختص، كما تقول: هناك يوم الخميس جعلته مختصاً بالإضافة، هذا مثله، زيد هذا علم، ومجلس هذه نكرة، استفاد التعريف، إذاً هو مختص، وهذا حقيقة المختص، جلست مجلساً هذا مبهم؛ لأنه لم يضف، وظاهر كلامه أيضاً أن مرمى مشتق من رمى، وليس هذا على مذهب البصريين، كيف ليس هذا؟! هو قرر في السابق هذا،