يعني: لا بد أن يكون العامل فيه ما اجتمع معه في الاشتقاق، جلست مجلس زيد، جلست ومجلس اتفقا في الحروف، أما جلست مقعد زيد لا، لا يصح، لماذا؟ لعدم التوافق في المادة، لا بد أن يكون العامل المسلط على ما صيغ من الفعل، ما كان على وزن مفعَل، لا بد أن يكون العامل فيه من لفظه، جلست مجلس زيدٍ، صحيح، وهو منصوب وهو قياسي، جلست مقعد زيد، لا، نقول: هذا لا يصح، لا يصح نصبه على الظرفية، لماذا؟ لفقد الشرط وهو كونه لم يجتمع مع العامل فيه في أصله، يعني في المادة التي اشتق منها، وشرط نصبه قال: قياساً أن يكون عامله من لفظه، نحو قعدت مقعد زيد، وجلست مجلس عمرو، فلو كان وأنا جالس مجلس زيد، جالس مجلس، وافقه وهو نوعه اسم فاعل، جالس مجلس زيد، قاعد مقعد زيد، وهَلُمَّ جرًّا، وأعجبني جلوسك مجلس زيد، قعودك مقعد زيد، العامل فيه المصدر، قد يكون العامل فيه الموافق له في حروفه مادته، قد يكون فعلاً وقد يكون اسم فاعل وصفاً، وقد يكون مصدراً، قعدت مقعد زيد وجلست مجلس عمرو، فلو كان عامله من غير لفظه تعين جره بـ (في)، جلست في مرمى زيد، ولا يصح أن تقول: جلست مرمى زيد، لا يصح هذا، لا يوافق اللسان العربي، وإنما تقول: جلست في مجلس زيد، جلست في مقعد زيدٍ، ليس في مجلس زيد، إذا اختلفا في المادة حينئذٍ وجب جره بـ (في)، فلا تقول: جلست مرمى زيد إلا شذوذاً، وقد ورد ذلك في قولهم: هُوَ مِنِّى مَقْعَدَ القَابِلَةِ، مقعدَ بالنصب أين عامله؟ ومَزْجَرَ الكَلْبِ ومَنَاطَ الثّرَيَّا، أي: كائن مقعد القابلة، إذاً كائن هو العامل، ومقعد هنا منصوب على الظرفية نقول: شذوذاً، لماذا؟ لفقد شرط القياس، فإنما يصح القياس فيما إذا اتفقا العامل والمعمول في الحروف، فإن اختلفا ونصب على الظرفية نقول: هذا شاذ، يحفظ ولا يقاس عليه، إن أردت استعماله ابتداءً فجُره بـ (في)، من أجل أن توافق ما جرى، وفي مَزْجَرَ الكَلْبِ، أي كائن مقعد القابلة ومزجر الكلب ومناط الثريا، هذا كله متعلق بمحذوف ليس من لفظ المذكور، فحينئذٍ نقول: نصبه على ذلك يعتبر شاذاً يحفظ ولا يقاس عليه، والقياس هو مني في مقعد القابلة، وفي مزجر الكلب وفي مناط الثريا، يعني بالتصريح بـ (في)، ولكن نُصب شذوذاً، وعامله الاستقرار وليس مما اجتمع معه في أصله، ولا يقاس عليه خلافاً للكسائي.

وإلى هذا أشار بقوله:

وَشَرْطُ كَوْنِ ذَا مَقِيسَاً أَنْ يَقَعْ ... ظَرْفاً لِمَا فِي أَصْلِهِ مَعَهْ اجْتَمَعْ

شَرْطُ: لا بد من تحققه، ما يلزم من وجوده الوجود، ولا يلزم من عدمه عدم.

وَشَرْطُ: هذا مبتدأ وهو مضاف وكَوْنِ مضاف إليه، ذَا: هذا اسم الكون، مَقِيسَاً خبر الكون، وَشَرْطُ مبتدأ أن يقع وقوعه ظَرْفاً نقول: أن وما دخلت عليه في تأويل مصدر خبر المبتدأ، وَشَرْطُ كَوْنِ ذَا المشار إليه المصوغ من مادة الفعل مَرْمَى، شَرْطُ كَوْنِ ذَا مَقِيسَاً، والقياس معناه أن يكون مطرداً، أن تستعمله في كلامك المنثور دون أن تقف على ما سمع في لسان العرب، وَشَرْطُ كَوْنِ ذَا مَقِيسَاً، مَقِيسَاً يقاس عليه:

إِنَّمَا النَّحْوُ قِيَاسٌ يُتَّبَعْ ... وَبِهِ فِي كُلِّ عِلْمٍ يُنتَفَعْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015