قال: كلها الأنواع الثلاثة، وأما المضاف تركه الناظم، فيفهم من كلامه أنه يستوي فيه الأمران؛ لأنه بَيَّن قلة اتصالها بالمجرد، وكثرة اتصالها بالمحلى وسكت عن المضاف فدل على أنه استوى فيه الأمران، ولذلك جئتك ابتغاء الخير، وفهم من كلامه استواء الأمرين في المضاف، وصرح به في التسهيل ((يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ)) [البقرة:265] ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ بالنصب، لم تدخل عليه (اللام)، ((وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ)) [البقرة:74]، مِنْ هذه من تعليلية، وخَشْيَةِ اللَّهِ هذا في الأصل مفعول له، وهو مضاف، إذاً جُرَّ بالحرف، وكذلك نُصِب، ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ، وسبق ((حَذَرَ الْمَوْتِ)) [البقرة:19]، والأكثر في القرآن النصب، وإن سوَّى بينهما الناظم هنا، وهو المشهور عند النحاة، لكن في القران الأكثر النصب، فإذا كان كذلك؟؟؟
قال: وكلها يجوز أن تجر بحرف التعليل، لكن الأكثر فيما تجرد عن (الألف) و (اللام) والإضافة النصب، المجرد منهما الأكثر فيه النصب، ضربتُ ابني تأديباً، تأديباً هذا مجرد من (أل) ومن الإضافة، ويجوز جره ضربتُ ابني لتأديبٍ، جائز، وزعم الجزولي أنه لا يجوز جره، وهو خلاف ما صرح به النحويون، وما صحب (الألف) و (اللام) بعكس المجرد، فالأكثر جره، ويجوز نصبه ضربت ابني للتأديبِ، أكثر من ضربت ابني التأديبَ، ومما جاء فيه منصوباً ما أنشده المصنف: لاَ أَقْعُدُ الْجُبْنَ عَنِ الْهَيْجَاءِ .. البيت، فالجبن مفعول له، أي لا أقعد لأجلِ الجبنِ، ومثله قوله:
فَلَيْتَ لِي بِهِمُ قَوْماً إِذَا رَكِبُوا ... شَنُّوا الإِغَارةَ فُرْسَاناً ورُكْبَانَا
أين الشاهد؟ الإِغَارةَ، دخلت عليه (أل) ومع ذلك نصب.
وأما المضاف فيجوز فيه الأمران: النصب والجر على السواء، ضربتُ ابني تأديبه ولتأديبه، وهذا قد يفهم من كلام المصنف، بل يفهم؛ لأنه لما ذكر أنه يقلُّ جر المجرد ونصب المصاحب (للألف) و (اللام)، علم أن المضاف لا يقلُّ فيه واحد منهما، بل يكثر فيه الأمران، ومما جاء منصوباً قوله تعالى: ((يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ)) [البقرة:19] جاء بالنصب، ومنه قوله:
وأَغْفِرُ عَورَاءَ الكَرِيمِ ادّخارَهُ .. ادّخارَهُ هذا مضاف إلى الهاء
وأُعْرِضُ عَن شَتْمِ اللَّئِيمِ تَكَرُّمَا
ادّخارَهُ يعني: لادخاره، هذا مضاف إلى الضمير، إذاً المفعول له هو: المصدر المعلل المشارك لعامله وقتاً وفاعلاً، وكذلك يزاد أن المصدر هناك لا يكون مؤولاً بالصريح، وإنما يكون مصدراً صريحاً، كذلك من أحكامه: أنه لا يجوز تعدده منصوباً أو مخفوضاً، إلا بإبدال أو عطف.