كَذَاكَ أي مما يلزم إضمار ناصبه: المصدر الذي يقع تشبيهاً، وهو المصدر المشعر بالحدث الدال على أمر يتجدد، لا على أمر راسخ ثابت، وهذا شرط فيه: أن يكون المصدر دالاً على الحدوث لا على الثبوت، فإن دل على أمر راسخ ثابت، خرج عن الأصل، كَذَاكَ ذُو: كَذَاكَ هذا خبر مقدم، ذُو التَّشْبِيهِ هذا مبتدأ مؤخر، الواقع بَعْدَ جُمْلَهْ، بَعْدَ جُمْلَهْ هذا حال، بَعْدَ جُمْلَهْ وهذه الجملة مشتملة على اسم بمعناه وصاحبه –سيأتي-، كَلِي بُكَاً بُكَاءَ ذَاتِ عُضْلَهْ، بُكَاءَ بالنصب، هذا محل الشاهد، وقع بعد جملة، ما هي الجملة؟ لِي بُكَاً، لِي خبر مقدم، وبُكَاً هذا بالقصر مبتدأ مؤخر، إذاً بُكَاءَ وقع بعد جملة، هذه الجملة مشتملة على فاعل المصدر في المعنى، أين هو؟ الياء، لِي بُكَاً بُكَاءَ ذَاتِ عُضْلَهْ، من الذي بكى بُكَاءَ ذَاتِ عُضْلَهْ؟ لِي الياء، إذاً اشتملت الجملة السابقة على الفاعل في المعنى، والمراد بالمصدر هنا: التشبيه بُكَاءَ ذَاتِ عُضْلَهْ، إذاً مصدر تشبيهي، وأطلق بعضهم عليه أنه علاجي، بمعنى أنه يدل على الحدوث، شيء بعد شيء، ليس بأمر راسخ، وقع بعد جملة، هذه الجملة فيها ما هو عامل للمصدر المنصوب، وهو قوله: بُكَاءَ ذَاتِ عُضْلَهْ، هذا كم شرط؟ أن يكون مصدر تشبيهي، أن يقع بعد جملة، أن تكون الجملة مشتملة على فاعل ذلك المصدر في المعنى، أن لا يكون في الجملة ما يصلح للعمل في المصدر، حينئذٍ إذا كان فيه كذلك قلنا: خرجت المسألة من أصلها.
فالشروط التي تشترط في صحة حذف هذا العامل وجوباً سبعة:
الأول: أن يكون مصدراً.
والثاني: أن يكون علاجياً.
والثالث: أن يكون المراد به التشبيه -هذه ثلاثة موجودة في قول ابن مالك: بُكَاءَ ذَاتِ عُضْلَهْ-.
والرابع: أن يكون السابق عليه جملة - لِي بُكَاً-.
والخامس: أن تكون هذه الجملة مشتملة على فاعل المصدر، ليس نصاً –لفظاً-، إنما بالمعنى.
والسادس: أن تكون هذه الجملة مشتملة على معنى المصدر- لِي بُكَاً-.
والسابع: أن لا يكون في هذه الجملة ما يصلح للعمل في المصدر.
حينئذٍ إذا توفرت هذه الشروط السبعة، وجب النصب على أنه مفعول مطلق، والعامل فيه محذوف، فإن لم يكن مصدراً؛ لو قال قائل: لِزيدٍ يدٌ يدُ أسدٍ، هذا تشبيه، لِزيدٍ يدٌ يدُ أسدٍ، يدُ أسد أو يدَ أسد؟ نقول: يدُ أسد، لماذا؟ لأنه ليس بمصدر.
أن يكون مشعراً بالحدوث –علاجياً-، لو قال: له عِلمٌ عِلمُ الحكماء، عِلمُ الحكماء أو عِلمَ الحكماء؟ عِلمُ؛ لأن العلم هذا صفة راسخة ثابتة، وهنا الشرط أن يكون علاجياً، بمعنى أنه يدل على الحدوث.
أن يكون المراد به التشبيه بخلاف: لهُ صَوتٌ حَسَنٌ، -لهُ صَوتٌ مثل لهُ بُكَا-، صوتٌ حسنٌ أو صوتاً حسناً؟ بالرفع؛ لأنه لم يُرد به التشبيه.
أن يكون سابق عليه جملة بخلاف: صوتُ زيدٍ صوتُ حمار، صوتَ حمار أو صوتُ حمار؟ بالرفع؛ لأنه لم يتقدمه جملة بل تقدمه مفرد.
أن تكون هذه الجملة مشتملة على فاعل المصدر بخلاف: عليه نَوحٌ نَوحُ الحمام، عليه الضمير هنا ليس للنائح، وإنما للمنُوح، فلم تكن بينهما علاقة.