قال الشارح: أي كذلك يحذف عامل المصدر وجوباً، إذا ناب المصدر عن فعل استند لاسم عين، يعني عن فعل صار خبراً، أي أخبر به عنه، وكان المصدر مكرراً، أو محصوراً، فمثال المكرر: زيد سيراً سيراً، والتقدير زيد يسير سيراً، فحُذف يسيرُ وجوباً لقيام التكرير مقامه، ومثال المحصور: ما زيد إلا سيراً، وإنما زيد سيراً، والتقدير: ما زيد إلا يسير سيراً، -والأصل لا يُمثَّل بالتكرار-، وإنما زيد يسير سيراً، فحذف يسير وجوباً لما في الحصر من التأكيد القائم مقام التكرير، فإن لم يكرر ولم يحصر لم يجب الحذف؛ زيد سيراً، وهذا جائز الذكر وجائز الحذف، زيد يسير سيراً، فإن شئت حذفت يسير، وإن شئت صرحت به.
إذاً النوع الثالث: إذا كان المصدر مكرراً أو محصوراً ووقع نائب مناب فعل، وهذا الفعل قد أخبر به عن اسم عين، بهذه الشروط حينئذٍ يجب حذف العامل، إن انتفت أو انتفى بعضها، حينئذٍ رُفِع أو نُصِب لا على المفعولية المطلقة.
وَمِنْهُ -وهذا الموضع الرابع والخامس-:
وَمِنْهُ مَا يَدْعُونَهُ مُؤَكِّدَا ... لِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ فَالْمُبْتَداَ
نَحْوُ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ عُرْفَا ... وَالثَّانِ كَابْنِي أَنْتَ حقَّاً صِرْفَا